وقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ }؛ أي أعِدُّوا للكفار ما استطعتُم من آلاَتِ الحرب. وعن ابنِ عبَّاس وعقبة بن عامرِ؛ قَالَ: " قَرَأ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } ثُمَّ قَالَ: " أَلاَ إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، ألاَ إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، لَهْوُ الْمُؤْمِنِ فِي الْخَلاَءِ وَقَوَّتُهُ عِنْدَ اللِّقَاءِ " وَمَاتَ عُقْبَةُ فَاْوْصَى بتِسْعِينَ قَوْساً مَعَ كُلِّ قَوْسٍ سِهَامُهَا فِي سَبيلِ الله، وَقَالَ عُقْبَةُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اللهَ لَيُدْخِلُ الْجَنَّةَ الثَّلاَثَةَ سَهْمٌ وَاحِدٌ، صَانِعُهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالْمُهْدِي لَهُ، وَالرَّامِي بهِ " وقالَ عليه السلام: " كُلُّ شَىءٍ يَلْهُوا بهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ، إلاَّ رَمْيَةً بقَوْسِهِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَمُلاَعَبَتَهُ أْهْلَهُ، فإنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ ".
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ }؛ معناهُ: ارْتَبطُوا الخيلَ لَهم ولقتالِهم؛ أي أعِدُّوا لَهم ذلك لتخويفِ عُدوِّ اللهِ وعدُوِّكم { وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ } أي مِن دون كُفَّار العرب وأهلِ الكتاب { لاَ تَعْلَمُونَهُمُ } أي لا تَعرِفُونَهُمْ. قال ابنُ عبِّاس: (يَعْنِي كُفَّارَ الْجِنِّ)، قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لاَ يَقْرُبُ صَاحِبَ قَوْسٍ جِنِّيٌّ أبَداً " ويقالُ: إن الجنَّ لا تدخلُ بيتاً فيه قوسٌ ولا سلاحٌ.
قال السديُّ: (أرَادَ بهِ أهْلَ فَارِسَ)، وقال الحسنُ: (هُمُ الْمُنَافِقُونَ)، وقال الضحَّاك: (هُمُ الشَّيَاطِينُ)، ولا يمتنعُ أن يكون الكلُّ مرادٌ بالآيةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ }؛ أي ما تُنفقوا من شيءٍ في الجهادِ يوفَّ إليكم ثوابهُ، { وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }؛ أي لا يُنقَصُ شيءٌ من حقِّكم.