الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ }؛ قرأ الحسنُ: (الَّذِي فِي قُلُوبهِمْ مَرَضٌ هُمُ الْمُشْرِكُونَ). وَقِيْلَ: هم أناسٌ كانوا قد تكلَّموا بكلمةِ الإيمانِ حين كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمكَّة من دون علمٍ منهم بأمرِ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فيكون معنى قولهِ: { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي شَكٌّ، وهم الذين لا عزيمةَ لهم في الكُفرِ ولا في الإسلامِ، ولم يكونوا أعداءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ } قال ابنُ عباس: (لَمَّا نَفَرَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ مَكَّةَ إلَى بَدْرٍ وَلَمْ يُخْلِفُوا بمَكَّةَ أحَداً قَدِ احْتَلَمَ إلاَّ خَرَجُواْ بهِ، وَأخْرَجُواْ مَعَهُمْ أُنَاساً كَانوُا قَدْ تَكَلَّمُوا بالإسْلاَمِ بمَكَّةَ، فَلَمَّا الْتَقَواْ وَرَأوْا قِلَّةَ الْمُسْلِمِينَ وَكَثْرَةَ الْمُشْرِكِينَ، ارْتَابُوا وَنَافَقُواْ وَقَالُواْ لأَهْلِ مَكَّةَ: غَرَّ هَؤُلاَءِ دِينُهُمْ، يَعْنُونَ الْمُسْلِمِينَ غَرَّهُمْ دِينُهُمْ حِينَ خَرَجُواْ مَعَ قِلَّتِهِمْ إلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مَعَ كَثْرَتِهِمْ). فَقُتِلَ هَؤُلاَءِ مَعَ الْمُشْرِكينَ يَوْمَئِذٍ، وَضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ وُجُوهَهُمْ وَأدْبَارَهُمْ، كَمَا ذكَرَ اللهُ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ }؛ أي ومَن يَثِقْ باللهِ في جميعِ أمُورهِ، { فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ }؛ بنصرهِ على عدوِّهِ ولو كَثُرَ عددهُ، { حَكِيمٌ } يضعُ الأمورَ مواضِعَها.