الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ }؛ أي وأرسلنَا إلَى ثَمُودَ أخَاهُمْ صَالِحاً في النَّسَب. وثََمُودُ: اسْمٌ لِلْقَبِيْلَةِ؛ سُمُّوا بهذا الاسمِ لأنَّهم كانوا على عَيْنٍِ قليلةِ الماء، وموضعُهم بالْحِجْرِ بين الشَّامِ والمدينَةِ، والثَّمْدُ: الماءُ القليلُ. وثَمُودُ في كتاب الله مصروفٌ وغيرُ مصروفٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } [هود: 68] فَصَرَفَ الأوَّل دونَ الثانِي، فمَن صَرَفَهُ جعلَهُ اسْماً للحَيِّ؛ فيكونُ مُذكَّراً سُمِّيَ به مذكَّرٌ، ومَن لم يَصْرِفْهُ جعله اسْماً للقبيلةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ }؛ أي دلالةٌ فاصِلَةٌ بينَ الحقِّ والباطلِ من ربكم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً }؛ إشارةٌ إلى نَاقَةٍ بعَيْنِها. قال ابنُ عبَّاس: (أتَاهُمْ صَالِحُ عليه السلام بنَاقَةٍ مِنَ الصَّخْرَةِ الْمَلْسَاءَ بمَسْأَلَتِهِمْ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ بدُعَائِهِ، فَانْصَدَعَتْ عَنْ نَاقَةٍ عَشْرَاءَ، فَلَمْ يُؤْمِنُواْ). وفي بعضِ الرِّواياتِ: أخرجَ اللهُ من الصخرةِ ناقةً، خَلْفَهَا سَقْبُهَا الَّذِي وَلَدَتْهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَكُمْ آيَةً } أي علامةٌ لِنُبُوَّتِي، فتعتبرُوا وتوحِّدُوا ربَّكم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ }؛ أي دعُوها تَرْتَعُ في أرضِ الْحِجْرِ من العُشْب، { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ }؛ أي بقَتْلٍ أو ضَرْبٍ أو مكروهٍ، { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }؛ أي مُؤْلِمٍ إنْ فعلتُم ذلكَ.