قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ }؛ أي وأرسلنَا إلَى ثَمُودَ أخَاهُمْ صَالِحاً في النَّسَب. وثََمُودُ: اسْمٌ لِلْقَبِيْلَةِ؛ سُمُّوا بهذا الاسمِ لأنَّهم كانوا على عَيْنٍِ قليلةِ الماء، وموضعُهم بالْحِجْرِ بين الشَّامِ والمدينَةِ، والثَّمْدُ: الماءُ القليلُ. وثَمُودُ في كتاب الله مصروفٌ وغيرُ مصروفٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:{ أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } [هود: 68] فَصَرَفَ الأوَّل دونَ الثانِي، فمَن صَرَفَهُ جعلَهُ اسْماً للحَيِّ؛ فيكونُ مُذكَّراً سُمِّيَ به مذكَّرٌ، ومَن لم يَصْرِفْهُ جعله اسْماً للقبيلةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ }؛ أي دلالةٌ فاصِلَةٌ بينَ الحقِّ والباطلِ من ربكم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً }؛ إشارةٌ إلى نَاقَةٍ بعَيْنِها. قال ابنُ عبَّاس: (أتَاهُمْ صَالِحُ عليه السلام بنَاقَةٍ مِنَ الصَّخْرَةِ الْمَلْسَاءَ بمَسْأَلَتِهِمْ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ بدُعَائِهِ، فَانْصَدَعَتْ عَنْ نَاقَةٍ عَشْرَاءَ، فَلَمْ يُؤْمِنُواْ). وفي بعضِ الرِّواياتِ: أخرجَ اللهُ من الصخرةِ ناقةً، خَلْفَهَا سَقْبُهَا الَّذِي وَلَدَتْهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَكُمْ آيَةً } أي علامةٌ لِنُبُوَّتِي، فتعتبرُوا وتوحِّدُوا ربَّكم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ }؛ أي دعُوها تَرْتَعُ في أرضِ الْحِجْرِ من العُشْب، { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ }؛ أي بقَتْلٍ أو ضَرْبٍ أو مكروهٍ، { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }؛ أي مُؤْلِمٍ إنْ فعلتُم ذلكَ.