الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ }؛ أي ليس بي ذهابٌ عن الحقِّ فيما أدعُوكم إليهِ، { وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، أي ولكِنْ أرسلَني ربُّ العالمين الذي يَمْلُكُ كلَّ شيءٍ. وإنَّما لم يقل: ليست بي ضلالةٌ؛ لأنَّ معنى الضلالةِ الضَّلالُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي }؛ أي أؤَدِّي إليكم ما حَمَّلَنِي اللهُ من الرِّسالةِ، وإنَّما قال: { رِسَالاَتِ } لأن الرسالةَ تتضمَّنُ أشياءَ كثيرةً من الأمرِ والنَّهي؛ والتَّرغيب والتَّرهيب؛ والوَعْدِ والوعيدِ، فَذُكِرَ تارةً بلفظٍ يدلُّ على الفعل؛ وتارةً بلفظٍ يدلُّ على الوِحْدَانِ.

قرأ أبُو عمرٍو: (وَأَبْلِغُكُمْ) بالتخفيف في جميعِ القُرْآنِ كقولهِ تعالى:أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي } [الأعراف: 79]، ولِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ } [الجن: 28]. وقرأ الباقونَ مشدَّداً كما قَالَ اللهُ تَعَالَى:يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } [المائدة: 67].

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَنصَحُ لَكُمْ } أي أنْصَحُ لكم فيما أدعُوكم إليه وأحذِّرُكم منه. والنُّصْحُ: إخْرَاجُ الْغِشِّ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، يقالُ: نَصَحْتُهُ وَنَصَحْتُ لَهُ؛ وَشَكَرْتُهُ وَِشَكَرْتُ لَهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي أعلمُ إنْ لم تَتُوبُوا من الشِّركِ أتاكم العذابُ.