الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ }؛ معناه: ما ينظرُ أهلُ مكَّة إلا عاقبةَ ما وَعَدَهم اللهُ به في القُرْآنِ أنه كائنٌ، منه ما يكونُ في الدُّنيا؛ ومنهُ ما يكونُ في الآخرةِ. ويقالُ معناه: هل يَنْظُرُونَ إلى ما يَؤُولُ إليه أمرُهم من البعثِ والعذاب وورُودِ النَّار.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } أي يوم يأتِي عاقبةُ ما وُعِدُوا فيه؛ وهو يومُ القيامةِ، يَقُولُ الَّذِينَ كفرُوا وتَرَكُوا العملَ له في دار الدُّنيا: قدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبَنا بالصِّدْق في أمرِ البعثِ بعدَ الموتِ فكذبناهُم، { فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ }؛ أي يقولونَ هذا القولَ حين يَرَوْنَ الشُّفعاءِ يشفعونَ للمؤمنين، فيقال لَهم: ليسَ لكم شَفِيْعٌ، فيقولون: هل نُرَدُّ إلى الدُّنيا فنُصدِّقَ الرسلَ، ونعملَ الأعمالَ الصالحة؟ فذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ }. وجوابُ الاستفهامِ بالفاءِ يكونُ نَصْباً.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ }؛ أي غَبَنُوا حَظَّ أنفُسِهم من الجنَّةِ، فَوَرَثَهُمْ المؤمنونَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }؛ أي بَطَلَ عنهم فلم يَنْفَعْهُمْ وذهبَ عنهُم آلِهتُهم؛ وهي التي كانوا يَفْتَرُونَ بها على اللهِ تعالى أنَّها شفعاؤُهم. ويقالُ: معناه: وَضَلَّ عَنْهُمْ حينئذٍ افْتِرَاؤُهُمْ على اللهِ تعالَى.