الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } * { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ }؛ معناه: قَالَ اللهُ لَهم: ادْخُلُوا النارَ مع أُمَمٍ قَدْ خلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّار.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا }؛ في الدِّينِ والْمِلَّةِ. ولم يَقُلْ: أخَاهَا؛ لأنه عَنَى بها الأمَمَ والجماعةَ؛ فَلَعَنَتِ المشركونَ المشركين؛ واليهودُ اليهودَ؛ والنصارىَ النصارى؛ والْمَجوسُ الْمَجوسَ، ويَلْعَنُ الأتباعُ القادةَ ويقولون: لَعَنَكُمُ اللهُ أنتم عَزَّرْتُمُونَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً }؛ أي تَلاَحَقُوا واجتمعوا في النَّار.

قرأ الأعمشُ: (حَتَّى إذا تَدَارَكُوا فِيْهَا). وقرأ النخعيُّ: (حَتَّى إذا ادَّرَّكُوا فِيْهَا) بتشديدِ الدَّال من غير ألفٍ. والمعنى: حَتَّى إذا اجتمعُوا في النَّار القادةُ والأتباعُ؛ { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ }؛ أي قالَتْ أُخرَى الأممِ الْمُكَذِّبَةِ لأوَّلِ الأمَمِ { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ }؛ الْمُقَدَّمُونَ؛ { أَضَلُّونَا }؛ عن الْهُدَى بإلقاءِ الشُّبهة علَيْنَا؛ { فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ }؛ أي زدْهُمْ في عذابهم، واجعل عذابَهم مُضَاعفاً مِمَّا علينَا، { قَالَ }؛ اللهُ تعالَى: { لِكُلٍّ ضِعْفٌ }؛ أي لكلٍّ من الأَوَّلين والآخرين ضِعْفٌ من العذاب، { وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ }؛ أنتُم شِدَّةَ ما عليهِم.

ومَنْ قرأ (وَلَكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ) بالياء؛ فمعناهُ: لا يعلمُ كلُّ فريقٍ منهم مقدارَ عذاب الفريق الآخرِ. وقال مقاتلُ: (مَعْنَاهُ: { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ } أي { أُخْرَاهُمْ } دُخُولاً النَّارَ الأَتْبَاعُ { لأُولاَهُمْ } وَهُمْ الْقَادَةُ). وقال السُّدِّيُّ: (أُخْرَاهُمْ الَّذِينَ أتَوا فِي آخِرِ الزَّمَانِ، لأوْلاَهُمْ يَعْنِي الَّذِينَ شَرَّعُوا لَهُمْ ذلِكَ الدِّيْنَ).

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } أي قالت أوَّلُ الأُممِ لآخر الأمَمِ، والمتبوعون للتابعين: لم يكُنْ لكم علينا فََضْلٌ في شيءٍ حتى تطلبُوا من اللهِ أن يزيدَ في عذابنا ويُنْقِصَ من عذابكم، وأنتم كفرتُم كما كفَرْنا، ونحنُ وأنتم في الكُفْرِ سواءٌ، وكذا نكونُ في العذاب سواءٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }؛ يجوزُ أن يكون هذا من قَوْلِ الأوَّلِينَ للآخرين، ويجوزُ أن يكونَ قال اللهُ لَهم ذلكَ.