الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَللَّهِ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ }؛ سببُ نزول هذه الآية: أن ((رجُلاً)) دعا اللهَ في صلاته، ودعا الرحمن، فَقَالَ أبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللهُ: أليس يزعمُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وأصحابهُ أنَّهم يعبدون رَبّاً واحداً، فما بالُ هذا يعبدُ ربَّين اثنين؟! فأنْزَلَ اللهُ هذه الآيةَ.

ومعناها: وللهِ الصفاتُ العُلَى؛ وهي: الرحمنُ؛ والرحيمُ؛ والعزيز؛ والجبَّارُ؛ والمؤمِنُ؛ والمهيمِنُ؛ والقدُّوس؛ وأشباهُ ذلك من الصفاتِ التي معانيها (فَادْعُوهُ بهَا) أي بالأسماءِ الْحُسنَى، لا ينبغِي أن يقولَ: يا سَخِيُّ؛ يا جَلالُ؛ يا رفيقُ، ولكن ليَقُلْ: يا جَوَادُ يا سخِيُّ يا قوِيُّ يا رحيمُ كما وصفَ بها نَعْتَهُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ أَسْمَآئِهِ } أي يُكذِّبون، وقال قتادةُ: (يُشْرِكُونَ)، وقال عطاءُ: (يُضَاهُونَ) وقال ابنُ عبَّاس: (إلْحَادُهُمْ فِي أسْمَاءِ اللهِ أنَّهمْ عَدَلُواْ بهَا عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، فَسَمَّواْ بهَا أوْثَانَهُمْ وَزَادُُوا فِيْهَا وَنَقَصُواْ مِنْهَا، واشْتَقُّوا اللاَّتَ مِنَ اللهِ؛ وَالْعُزَّى مِنَ الْعَزِيزِ؛ وَالْمَنَاةَ مِنَ الْمَنََّانِ).

قرأ الأعمشُ وحمزة (يَلْحَدُونَ) بفتح الياء والحاءِ هنا وفي النحلِ وفي حم، وقرأ الباقون بضمِّ الياء وكسرِ الحاء وهما لُغتان فصِيحَتان. والإلحادُ: هو الْمَيْلُ عن القَصْدِ، ورُوي عن الكسائيِّ أنه الذي في النحلِ بفتح الياءِ والحاء، والذي في الأعراف وحم بالضمِّ، وكان يفرِّقُ بين الإلحاد فيقولُ: (الإلْحَادُ: الْعُدُولُ عَنِ الْقَصْدِ، وَاللُّحُودُ: الرُّكُونُ) ويزعمُ أن الذي في النحلِ بمعنى الرُّكون. قَوْلُهُ تَعَالَى: { سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }؛ وعيدٌ لَهم على الكُفرِ والتكذيب.