الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ } أي في تسعةِ ألوَاحٍ من الزُّبرجَدِ الأخضرِ، وَقِيْلَ: من الياقوتِ الأحمر أعطاها اللهُ موسَى وفيها التوراةُ كنَقْشِ الخاتَم، طولُ كلِّ لوحِ عشرةُ أذرُعٍ.

وقولهُ تعالى: { مِن كُلِّ شَيْءٍ } يعني من أُمُورِ الدِّين، وقولهُ تعالى: { مَّوْعِظَةً }؛ يعني ما يدعُو إلى الطاعةِ، وزَجْرٍ عن المعصيةِ بالوعدِ والوعيدِ وأخبار الأُمَم الماضين. وقولهُ تعالى: { وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ }؛ معناهُ: لكلِّ أمرٍ من أُمور الدِّين من الحلالِ والحرامِ والأمر والنَّهي.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ }؛ أي اعْمَلْ بها بجِدٍّ في طاعةِ اللهِ ومواظبةٍ عليها. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا }؛ أي أمُرْ قومَك يعملوا بأحسنِ ما بُيِّنَ لهم فيها؛ أي أُمِرُوا بالخيرِ ونُهوا عن الشرِّ، وعرَفُوا ما لهم في ذلك، فمُرْهُمْ يأخذُوا بالأحسنِ. ويقالُ: مُرْهُمْ يأخذُوا بالفرائضِ والنوافلِ دون المباحِ الذي لا حَمْدَ فيه ولا ثوابَ. وَقِيْلَ: معناهُ: (يأْخُذُوا) بالناسخِ والمنسوخ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ }؛ أي سوفَ أُريكُمْ جهنَّم في الآخرةِ هي دارُ الخارجين عن طاعةِ الله، ويقالُ: أرادَ به ما مَرُّوا عليه في سَفَرِهم من منازِلِ عادٍ وثَمود والقُرونِ الذين أهْلِكُوا بالتكذيب.

وقال قتادةُ: (مَعْنَاهُ سَأُدْخِلُكُمُ النَّارَ وَأُرِيكُمْ مَنَازلَ الْكَافِرِينَ). وَقِيْلَ: معناهُ سأُريكُم دارَ فرعون وقومِهِ وهي مصرُ.