الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً }؛ أي أرسَلها عليهم سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيَّام حُسوماً؛ أي مُتَتَابعَةً لا ينقطعُ أوَّلهُ عن آخرهِ، كما يتابعُ الإنسانُ الكيَّ على المقطوعِ الجسم دمهُ؛ أي يقطعهُ. وفي الحديثِ: " إنَّ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي أصَابَتْهُمْ كَانَتْ قِطْعَةً مِنْ زَمْهَرِيرَ عَلَى قَدْر مَا يَخْرُجُ مِنْ حَلَقَةِ الْخَاتَمِ " قال وهبُ: (هَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي أرْسِلَتِ الرِّيحُ عَلَى عَادٍ هِيَ أيَّامُ الْعَجُوز ذاتُ بَرْدٍ وَريَاحٍ شَدِيدَةٍ، وَانْقَطَعَ الْعَذابُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ). وَقِيْلَ: سُميت أيامُ العَجْزِ؛ لأنَّها في عَجزِ الشِّتاء، ولها أسَامِي مشهورة تُعرف في كتب اللغة.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ }؛ معناهُ: فتَرى أيُّها الرَّائِي القومَ في تلك الأيامِ والليالي صَرْعَى؛ أي ساقطِين بعضُهم على بعضٍ مَوتَى، { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ }؛ أي كأنَّهم أصُول نخلٍ ساقطةٍ باليةٍ قد نُحِرَتْ وتَآكَلَتْ وفسَدت. والصَّرْعَى جمعُ صَرِيعٍ، نحوُ قتيلٍ وقَتْلَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ }؛ أي هل ترَى لهم من نَفْسٍ باقيةٍ قائمة، والمعنى: لم يبق منهم أحدٌ إلاَّ هلَكَتْهُ الريحُ.