الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا }؛ معناهُ: مَثَلُ اليهودِ الذين أُمِرُوا بما في التَّوراةِ، ويُظهِروا صفةَ مُحَمَّدٍ ونَعْتَهُ فيها، ثم لَمْ يفعلُوا ما أُمروا به ولم يُؤمِنُوا بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، { كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً }؛ أي يَحمِلُ كُتُباً من العلمِ عِظَاماً لا يدري ما عليه وما حَمَلَ.

والأَسْفَارُ: جمعُ سِفْرٍ، وهو الكتابُ الكبير، شَبَّةَ اليهودَ إذ لم ينتفِعُوا بما في التَّوراةِ وهي دالَّةٌ على الإيمانِ بالحمار يحملُ كُتُبَ العلمِ، ولا يدري ما فيه، وليس حَمْلُ التوراةِ من الحملِ على الظَّهرِ، وإنما هو من الْحَمَالَةِ وهو الضَّمانُ والكفالةُ والقبول كما في قوله تعالىفَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا } [الأحزاب: 72] أي يَقْبَلْنَهَا. فاليهودُ ضَمِنُوا العملَ بها ثم لم يفعَلُوا بما ضَمِنُوا وجَحَدُوا بعضَ ما حَمَلوا، فلذلك قِيْلَ: { ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا }.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ }؛ يعني اليهودَ كذبُوا بالقرآنِ وبالتَّوراة حين لم يُؤمِنوا بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }؛ الذين ظَلَموا أنفُسَهم بتكذيبهم الأنبياءَ.