الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فِي ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا }؛ أي قل يا مُحَمَّد لكفَّار مكَّة الذين يدعونَكم إلى دينِ آبائهم: أنَعْبُدُ سِوَى اللهِ من الأصنام مَا لا يَنفَعُنَا إن عبدناهُ في رزقٍ ولا معاشٍ، وَلاَ يَضُرُّنَا إن تركناهُ في رزق ولا معاش، { وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ }؛ عطفٌ على الاستفهامِ؛ أي كيف نرجعُ إلى الكفر بَعْدَ إذْ هَدَانَا اللهُ لدينه، وأكْرَمَنَا بمعرفتهِ، فيكونُ مَثَلُنَا؛ كَـ؛ مَثَلِ؛ { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ }؛ فأذهبَهُ؛ { فِي ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ }؛ ضَالاً، لا يقالُ: كالذي زَيَّنَتْ له الشياطيينُ هواهُ؛ فهو يعملُ في الأرضِ بالمعاصي. وقيل: معناهُ: كالذي اسْتَفْرَسَتْهُ الغِيْلاَنُ في الْمَهَامَةِ فأضَلُّوهُ؛ فهو حَائِرٌ. و(حَيْرانَ) نُصِبَ على الحال.

قرأ الأعمش وحمزة: (كَالَّذِي اسْتَهْوَاهُ) بالألفِ والإِمالة، وقرأ طلحةُ بالألف، وقرأ الحسنُ: (اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ). وفي مصحفِ عبدِاللهِ: (اسْتَهْوَاهُ الشَّيْطَانُ). قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا }؛ أي لهُ أصحابٌ يدعونَه إلى الطريقِ المستقيم: أنِ ائْتِنَا وَاتَّبعْنَا؛ فإنَّا على الطريقِ، فأبَى أن يأتِهم ويطيعَهم.

وقيل: إن الآيةَ نزلت في عبدِالرحمن بن أبي بكرٍ حين دعا أباهُ إلى الكفر، فأنزلَ اللهُ تعالى: { قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا }. وقولهُ: { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَاطِينُ } هو عبدُالرَّحمن بن أبي بكرٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى ٱلْهُدَى } قيل: كان أمُّهُ وأبوهُ يدعوانِه إلى الإِسلام، وكان الشياطينُ والكفَّار يُزَيِّنُونَ له الكفرَ إلى أن مَنَّ الله عليه بعد ذلك بقَبُولِ الإِسلامِ. وقَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ }؛ أي قُلْ لَهُمْ: إنَّ دينَ الله هو الإسلامُ؛ وأمَرَنَا لِنُخْلِصَ العبادةَ؛: { لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.