الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ }؛ أي نُبَيِّنُ بياناً الأَمرَ والنهي فِي الْقُرْآنِ من قبلُ، وكذا نُبَيِّنُ وَنُنَزِّلُ الآياتِ متفرقةً شيئاً بعد شيء. وقولهُ تعالى: { وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ }؛ معطوفٌ على مُضْمَرٍ تقديرهُ: لِيَظْهَرَ الْحَقُّ مَن الْبَاطِلِ وَلِتَسْتَبِينَ طريقُ الْمُجْرِمِينَ.

وإنَّما لم يقل: سبيلُ المؤمنين؛ لأن في الكلامِ ما يدلُّ عليه؛ لأن معناهُ وَلِتَسْتَبيْنَ سبيلَ المجرمين من سبيلِ المؤمنين. ويقرأ: (وَلِيَسْتَبيْنَ) بالياء؛ لأن السبيلَ يُذكَّرُ ويؤنَّثُ، فَتَمِيْمٌ تُذكِّرُهُ؛ وأهلُ الحجاز تُؤَنِّثُهُ.

ودليلُ التذكير قَوْلُهُ تَعَالَى:وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ } [الأعراف: 86] ولم يقل بها، ودليل التأنيث قَوْلُهُ تَعَالىَ:قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ } [يوسف: 108] ولم يقل هذا سبيلِي. وقرأ أهلُ المدينة: (سَبيْلَ) بالنصب على خطاب النبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ معناهُ: وَلِتَعْرِفَ يا مُحَمَّدُ سبيلَ المجرمين؛ فالخطابُ للنبيِِّ صلى الله عليه وسلم والمرادُ به عامَّة المسلمين؛ كأنه ولِتَسْتَبيْنُوا وتزدادوا معرفةً بطريق المجرمين.