الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ }؛ أي قد غُبنَ الذين كَذبُوا بالبعثِ بعد الموت، { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً }؛ أي فَجْأَةً نَدِمُوا في وقتٍ لا ينفعُهم الندامةُ. وسُميِّت القيامةُ ساعةً؛ لِتَوَهُّمِ قيامِها في كلِّ ساعةٍ.

وقوله تعالى: { قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا }؛ أي على ما قََصَّرْنَا وضَيَّعْنَا في الدُّنيا من عملِ الآخرة، { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ }؛ معناهُ: والكفَّارُ يحملون أثقالَ آثامِهم فوق ظهروهم بذنوبهم، والذنبُ من أثقلِ ما يحمل. وقيل: معناهُ { عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا } أي في الصفقةِ.

وقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } قال السُّدِّيُّ: (لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ظَالِمٍ يَمُوتُ فَيَدْخُلُ قَبْرَهُ إلاَّ أتَاهُ رَجُلٌ قَبيْحُ الْوَجْهِ؛ أسْوَدُ اللَّوْنِ؛ مُنْتَنٌّ الرَّائِحَةِ؛ عَلَيْهِ ثِيَابٌ دَنِسَةٌ، فَإذا رَآهُ الظَّالِمُ قَالَ لَهُ: مَا أقْبَحَكَ! فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ فِي الدُّنِْيَا، فَيَكُونُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، فَإذا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامةِ قَالَ لهُ: طََالَمَا كُنْتُ أحْمِلُكَ عَلَى اللَّذةِ وَالشَّهَوَاتِ، فَأَنْتَ الْيَوْمَ تَحْمِلُنِي. فَيَرْكَبُهُ وَفِي يَدِهِ مَقْمَعَةٌ فَيَضْرِبُ بها رَأسَهُ؛ فَيَفْضَحُهُ عَلَى رُؤُوس الْخَلاَئِقِ حَـتَّى يُدْخِلَهُ النَّارَ، فَذلِكَ قَوْلُهُ: { يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ }.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }؛ أي بئْسَ الشيءُّ الذي يحملونَ من الآثامِ. ويقالُ: بئْسَ الشيء شيئاً يَزِرُونَهُ؛ أي يَحْمِلُونَهُ.