الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ }؛ إنْ يُصِبْكَ اللهُ بفقرٍ أو مَرَضٍ أو بلاء، فلا يقدرُ أحدٌ من الأصنام وغيرِها على كَشْفِ ذلك الضُّرِّ إلا اللهُ، وإنَّما أطلقَ هذا اللفظ وإن كان يُتَصَوَّرُ أن يكشفَ الإنسانُ عن صاحبه كُرْبَةً من الْكُرَب؛ لأن كاشفَ الضُّرِّ في الحقيقةِ هو اللهُ تعالى، إمَّا أن يكشفه بفضلهِ أو نسبةً له.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ }؛ أي بفَضْلٍ وسَعَةٍ في الرزق وصحَّة في الجسمِ، فلا مُزِِيْلَ لَها إلا هُوَ. إلا أنهُ لَمْ يَقُلْ: فلا مزيلَ لَها إلا هوَ؛ لأنه لَمَّا أكَّدَ هذا في الضُّرِّ دلَّ على هذا في الخيرِ فاستغنَى عن إعادتهِ. وإنَّما قال { يَمْسَسْكَ } مع أن كون الْمَسِّ المعيَّن من صفةِ الأجسام؛ لأنَّ المعنى يَمْسَسْكَ اللهُ تعالى الضَّرَرَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ }؛ أي لا يقدرُ أحدٌ أن يَمْنَعَهُ عن فعلِ ما أرادَ فِعْلَهُ من كَشْفِ ضُرٍّ أو غيرِه.

وعن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: " أرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلََى بَغْلَةٍ، فَلَمَّا سَارَ بي مَلِيّاً الْتَفَتَ إلَيَّ وَقََالَ لِي: " يَا غُلاَمُ ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أمَامَكَ، تَعَرَّفْ إلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإذا سَأَلْتَ فَسْأَلِ اللهَ، وَإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَقَدْ مَضَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَوْ جَهِدَ الْخَلاَئِقُ أنْ يَنْفَعُوكَ بمَا لَمْ يَقْضِ اللهُ لَكَ؛ مَا قَدِرُواْ عَلَى ذلِكَ، وَلَوْ جَهِدُوا أنْ يَضُرُّوكَ بمَا لَمْ يَكْتُب اللهُ عَلَيْكَ؛ لَمَا قَدِرُواْ عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ: أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأنًّ مَعَ الْكَرْب الْفَرَجُ، وَأنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً " ".