الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا }؛ أي قالَ أهلُ الجاهليَّةِ: إنَّ الأجِنَّةَ التي في بُطُونِ هذه الأنعام - التي زَعَمُوا أنَّهَا لأوثانِهم - إذا انْفَصَلَتْ عن الأمَّهاتِ؛ فهي حلالٌ لرجالِنا منافعُها وألبانُها، ومُحَرَّمٌ على نسائِنا ما دامَت تلكَ حَيَّةً. وأمَّا تأنيثُ الـ (خَالِصَةٌ)؛ فعلى معنَى: سَأَلَهُمْ.

قال جماعةٌ: مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعَامِ أو الأنعامِ التي في بُطُونِ هذهِ الأنعامِ. وأما تذكيرُ قولهِ: { وَمُحَرَّمٌ } فلأنهُ مردودٌ على لفظِ (مَا). وقرأ الأعمشُ: (خَالِصٌ لِذُكُورنَا) بغيرِها، وردَّهُ إلى (مَا). ومَن نَصَبَ (خَالِصَةً) فعلى القَطْعِ؛ تقديرهُ: مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعَامِ لِذُكُورنَا خَالِصاً. وقرأ ابنُ عبَّاس: (خَالِصَةٍ) بالإضافةِ إلى الهاء.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن يَكُن مَّيْتَةً }؛ أي قالُوا: وَإنْ تَكُنْ أجنَّةُ هذه الأنعام ميتةً؛ { فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ }؛ الرِّجَالُ النساءُ. قرأ أبو جعفرٍ وابنُ عامرِ: (وَإنْ تَكُنْ) بالتاء (مَيْتَةٌ) بالرفعِ على معنى وإنْ يَقَعْ. وقرأ ابنُ كثيرٍ كذلكَ إلا أنه بالياء، وقرأ أبو بكرٍ التاء (تَكُنْ مَيْتَةً) بالنصب على معنى: وإن تكن الأجنةُ ميتةً. وقرأ الباقون (يَكُنْ) بالياء والنصب، وردُّوه إلى ما يؤيِّدُ ذلكَ قولهُ: { فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ } ولم يقل: فيها.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ }؛ أي سَيَجْزِيَهِمْ في الآخرةِ بوَصْفِهِمْ الذي وَصَفُوا في هذه الأنعامِ، إلا أنهُ لَمَّا حذفَ الباءَ انتصبَ، ويجوزُ أن يكون معناه: سَيَجْزِيُهِمْ جَزَاءَ وَصْفِهِمْ، إلا أنهُ حذف الجزاءَ، وأجرى إعرابَهُ على (وَصْفَهُمْ)، { إِنَّهُ حِكِيمٌ }؛ في مجازاتهم؛ { عَلِيمٌ }؛ بمقدار جزائهِم. والمعنى: سيجزيهم على وَصْفِهِمُ الكذبَ على اللهِ.