الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } قال ابنُ عبّاس: (وَذلِكَ أنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ أتَوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ: يَا مُحَمَّدُ؛ قَدْ عَلِمْنَا مَا يَحْمِلُكَ عَلَى مَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ إلاَّ الحَاجَةَ، فَنَحْنُ نَجْعَلُ لَكَ مِنْ أمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أغْنَانَا رَجُلاً، وَتَرْجِعُ عَمَّا أنْتَ عَلَيْهِ. فأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ).

ومعناهُ: وللهِ مُلْكُ ما استقرَّ { فِي ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } من الخلائقِ كلِّهم، وهذا اللفظُ يشتمل على جميعِ المخلوقات؛ لأنَّ من الحيوانات ما يَتَصَرَّفُ بالنهار ويسكنُ بالليل، ومنها ما يتصرفُ بالليل ويسكنُ بالنَّهار. وقال محمدُ بن جُرير: (كُلُّ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَِّمْسُ وَغَرَبَتْ فَهُوَ مِنْ سَاكِنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار، وَالْمُرَادُ: جَمِيعُ مَا فِي الأَرْضِ؛ لأنَّهُ لاَ شَيْءَ مِنْ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى إلاَّ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ).

وقال أهلُ المعانِي: في الآية إضمارٌ تقديرهُ: ولهُ ما سَكَنَ وتَحَرَّكَ في الليلِ والنهار. فإن قيلَ: فَلِمَ قالَ: { وَلَهُ مَا سَكَنَ } ولَمْ يَقُلْ: ولهُ ما تَحَرَّكَ؟ قيلَ: لأنَّ الساكنَ في الأَشياءِ أعمُّ؛ لأنهُ ما من مُتَحَرِّكٍ إلا وسَكَنَ؛ وفي الأشياءِ الساكنة ما لا يتحركُ البَتَّةَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } معناهُ: السميعُ لِمَقَالَةِ الكفَّار، الْعَلِيْمُ بهم وبعقوبَتِهم. ويقالُ: هو السميعُ للأصواتِ والأقوال، العليمُ بالأشياءِ والأرزَاق.