الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } وذلك أنَّ أهلَ مكَّةَ كانوا يستحلُّون أكلَ الميتةِ، ويَدعُونَ المسلمين إلى أكلِها، وكانوا يقولون: إنَّما ذلك ذبحُ اللهِ؛ فهو أحَلُّ مِمَّا ذبحتُم أنتم بسكاكينكُم، فأنزلَ اللهُ تعالى هذه الآيةَ. ومعناها: إن تُطِعْ - يا مُحَمَّد - أكثرَ مَن في الأرض يصرفونَكَ عن دِيْنِ الله، وإنَّما قال: { أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ } لأن أكثرهَم كفَّار ضُلاَّلٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ }؛ معناه: إن أكثرُهم يتَّبعونَ أكَابرَهُمْ بالشَّكِّ؛ يتبعونهم فيما يعملون " ويظنون " أنَّهم على الحق، وإنَّما يعذبون على هذا الظنِّ؛ لأنَّهم اقْتَصَرُوا على الظَّنِّ والجهلِ واتَّبَعُوا أهواءَهم، { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }؛ أي ما هم إلا يَكْذِبُونَ في قولِهم: ما قَتَلَ اللهُ أحقُّ أن تأكلوهُ مِمَّا قَتَلْتُمْ بسكاكينِكم. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ }؛ أي عن دِيْنِ الإسلامِ وشرائعهِ؛ { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }؛ بمُحَمَّدٍ والإسلامِ، وإنَّما قال: { أَعْلَمُ } لأنَّ الله تعالى يعلمُ الشيءَ من كلِّ جهاتهِ، وغيرُه يعلمُ الشيءَ من بَعْضِ جهاتهِ.