الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ }

قَوْلٌُهُ تَعَالَى: { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً }؛ يعني السُّفن تجرِي في الماءِ جَرْياً سَهْلاً مع عِظَمِها. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً }؛ يعني الملائكةَ يَقسِمُونَ الأمُورَ بين الخلقِ على ما أُمِرُوا به من الأرزاقِ وغيرِها.

أقسمَ اللهُ بهذه الأشياءِ لِمَا فيها من الدَّلالةِ على صَنعَتِهِ وقُدرتهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ }؛ يعني إنَّ الذي تُوعَدون من الثَّواب والعقاب لصَادِقٌ، { وَإِنَّ ٱلدِّينَ }؛ أي الجزاءَ، { لَوَٰقِعٌ }؛ كائنٌ يومَ القيامةِ.

وعن عليٍّ رضي الله عنه أنَّهُ قالَ ذاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَةٍ: (سَلُونِي فَوَاللهِ لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إلاَّ وَسَأُخْبرُكُمْ بهِ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ مَا الذاريَاتِ ذرْواً؟ فَقَالَ: الرِّيَاحُ: وَقَالَ: مَا الْحَامِلاَتِ وقْراً؟ قَالَ: السَّحَابُ. قَالَ: مَا الْجَاريَاتِ يُسْراً؟ قَالَ: السُّفُنُ. قَالَ: مَا الْمُقَسِّمَاتِ أمْراً؟ قَالَ: الْمَلاَئِكَةُ).

وعن الأعرجِ قال: بَلَغَنَا أنَّ مَسَاكِنَ الرِّيَاحِ تَحْتَ أجْنِحَةِ الْكُرُوبيِّينَ حَمَلَةِ الْكُرْسِيِّ، فَتَهِيجُ مِنْ ثَمَّ فَتَقَعُ بعَجَلَةِ الشَّمْسِ، ثُمَّ تَهِيجُ مِنْ عَجَلَةِ الشَّمْسِ فَتَقَعُ برُؤُوسِ الجِبَالِ، ثُمَّ تَهِيجُ مِنْ رُؤُوسِ الجِبَالِ فَتَقَعُ فِي البَرِّ، وأمَّا الشِّمَالُ فإنَّهَا تَمُرُّ بجَنَّةِ عَدْنٍ، فَتَأْخُذُ مِنْ عَرْفِ طِيبهَا، فَتَمُرُّ عَلَى أرْوَاحِ الصِّدِّيقِينَ، ثُمَّ يَكُونُ مَهَبُّهَا مِنْ كُرْسِي بَنَاتِ نَعْشٍ إلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَتَهُبُّ الدُّبُورُ مِن مَغْرِبِ الشَّمْسِ إلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ، وَتَهُبُّ الصَّبَا مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إلى مَغْرِبِ بَنَاتِ نَعْشِ، لاَ تَدْخُلُ هَذِهِ فِي حَدِّ هَذِهِ، وَلاَ هَذِهِ في حَدِّ هَذِهِ).