الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ }؛ أي ليعاملنَّكم اللهُ معاملةَ المختبرِ ليجازيَكم على ما يظهرُ منكم. قَوْلُهُ تَعَالَى: { بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ }؛ اختلَفُوا فيهُ؛ فقال بعضُهم: (مِن) ها هنا للتبعيضِ، وأرادَ بذلك صيدَ البرِّ دون صيد البحرِ، وصيدَ الإحرامِ دون الإحلالِ.

وقال بعضهم: (مِن) ها هنا للجنس كقوله تعالى:فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } [الحج: 30] معناه: اجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الذي هو وثَنٌ. وقال بعضُهم: أرادَ بقوله: (بشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) بما يكون من جزاءِ الصَّيد وإن لم يكن صَيداً كالبيضِ والفرخ والريشِ، والآية شاملةٌ لجميع هذه المعانِي.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ }؛ أي تأخذونَهُ بأيديكم من فراخِ الطَّير وصغار والوحش والبيضِ، وما تصيبهُ رماحُكم من كبار الصَّيد التي لا تُصاد باليدِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ }؛ أي ليميِّزَ اللهُ مَن يخافهُ ممن لا يخافه في السرِّ بينه وبين اللهِ تعالى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ }؛ أي من تجاوزَ الحدَّ في أخذ صيدِ البرِّ مع الإحرامِ، وأخذ الصيد في الحرمِ بعد البيان له والنهيِ عنه، { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }؛ يعني التعزيرَ والكفَّارة في الدُّنيا؛ يفرق الضربُ على أعضائهِ كلِّها ما خلاَ الوجهَ والرأس والفرجَ، فيضربُ ضَرباً وجيعاً ويؤمر بالكفَّارة، ويكون هذا المتعدِّي مأخوذاً بعذاب الآخرة إن ماتَ قبل التوبة.