الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }

قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ }؛ وذلك أنَّ المنافقين كانوا يَوَدُّونَ يهودَ عُرَيْنَةَ ونصارَى نَجران؛ لأنَّهم كانوا أهلَ ريْفٍ، وكانوا يَمرُّون بهم فيُقرِضُونَهم، فقال المنافِقون: كيف نقطعُ مَوَدَّة قومٍ إنْ أصابَتنا سيِّئةٌ، واحتَجنا إليهم وسَّعُوا علينا في المنازلِ، وعرَضُوا علينا الثمارَ في القابلِ، فنَزل قولهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي ترَى يا مُحَمَّدُ الذين في قلوبهم شكٌّ ونفاق يُبادِرون إلى ولايةِ الكفَّار ومعاقدتِهم، { يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ }؛ شدَّةٌ وجُدُوبَةٌ.

ويقال: أرادَ بهذا القولِ أنَّهم يخشَون أن لا يَتِمَّ أمرُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بأن يدورَ الأمرُ على الحالةِ التي هم عليها فيحتاجون إلى الكفَّار. يقول اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ }؛ أي عسَى أن يَظهَرَ المسلمون، و { عَسَى } من اللهِ واجبةٌ. وسَمَّى النصرَ فتحاً؛ لأن فيه الأمرِ المغلَقِ.

قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ }؛ معناه: أو يقضِي بالخصب لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ، ويقال هو أن يُؤْمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بإظهار أمر المنافقين وقَتلِهم، { فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآأَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }؛ فيصبحَ المنافقون على ما أضمَرُوا في أنفُسِهم من ولايةِ رؤوس اليهود والنصارَى إليهم نَادِمين، فلا تنفعُهم الندامةُ حينئذٍ.