الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ وَٱلْفُسُوقَ وَٱلْعِصْيَانَ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلرَّاشِدُونَ } * { فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعْمَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ لَعَنِتُّمْ } معناهُ: إعْلَمُوا أنَّ رسولَ الله لو يُجِيبُكم في كثيرٍ مما سألتموهُ لوقَعتُم في العَنَتِ وهو الإثمُ والمشقَّة. وَقِيْلَ: اتَّقُوا أن تَكذِبُوا رسولَ اللهِ وتقولوا بَاطلاً، فإنَّ اللهَ يخبرهُ فتُفتَضَحُوا، ثم قال: لو يُطِيعُكم الرسولُ في كثيرٍ مما تُخبرونَهُ فيه بالباطلِ لَعَنِتُّمْ؛ أي لوقَعتُم في العَنَتِ وهو الإثْمُ والهلاكُ.

ثم خاطبَ المؤمنين الذين لا يَكذِبُون فقالَ: { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ }؛ أي جعلَهُ أحبَّ الأديان إليكم، { وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ }؛ حتى اختَرتُموهُ، { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ وَٱلْفُسُوقَ وَٱلْعِصْيَانَ }؛ أي بَغَّضَ إليكم هذه الأشياءَ: الكفرُ ظاهر المعنى، والفُسُوق وَالكَذِبُ والخروجُ عن أمرِ الله، والعصيانُ: جمعُ معاصِي الله.

ثم عادَ إلى الخبرِ عنهم فقال: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلرَّاشِدُونَ }؛ أي المهتَدُون إلى محاسنِ الأمُور. ثم بيَّنَ أنَّ جميعَ ذلك تفضُّلٌ من اللهِ تعالى فقالَ: { فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعْمَةً }؛ أي تَفَضُّلاً مِن اللهِ ورحمةً، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ }؛ بما في قُلوبهم، { حَكِيمٌ }؛ فيهم بعِلمهِ.