الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا }؛ معناهُ: ومغانِمَ كثيرةً يأخذُونَها من أموالِ يهود خيبرَ، وكانت خيبرُ ذات عقارٍ وأموالٍ، { وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً }؛ أي غَالباً، { حَكِيماً }؛ في أمرهِ، حكَمَ لهم بالغنيمةِ، ولأهلِ خيبرَ بالسَّبي والهزيمةِ.

وعن أنسٍ رضي الله عنه: " وأنَا رَدِيفَ أبي طَلْحَةَ يَوْمَ أتَيْنَا إلَى خَيْبَرَ، فَصَبَّحَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أخَذُواْ مَسَاحِيهِمْ وَفُؤُوسَهُمْ وَغَدَوا عَلَى حُرُوثِهِمْ، فَلَمَّا رَأوْنَا ألْقَواْ ما بأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللهُ أكْبَرُ، خَرِبَتْ خيْبَرُ، إنَّا إذا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذرينَ " ".

وعن عبدِاللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أبيِهِ قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى خَيْبَرَ، سَرَيْنَا لَيْلاً وَعَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ مَعَنَا وَكَانَ شَاعِراً، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: ألاَ تُسْمِعُنَا يَا عَامِرُ، فَنَزَلَ يَحْدُوا بالْقَوْمِ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: "
اللَّهُمَّ لَوْلاَ أنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا   وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
هُمُ الَّذِينَ بَغَواْ عَلَيْنَا   وَنَحْنُ مِنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا
فَاغْفِرْ بفَضْلِكَ مَا أتَيْنَا   وَثَبتِ الأَقْدَامَ إنْ لاَقَيْنَا
وَألْقِيَنَّ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا   
" قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَذا؟ " قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَالَ: " قَدْ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ يَا عَامِرُ " فَقَالَ رَجُلٌ: لَوْ أمْتَعْتَنَا بهِ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم). وإنما قالَ ذلكَ؛ لأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما استغفرَ لرجُلٍ قطُّ إلاَّ استُشهِدَ.

قالَ: (فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ وَتَصَافَّ الْقَوْمُ، خَرَجَ يَهُودِيٌّ فَخَرَجَ إلَيْهِ عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ وَهُوَ يَقُولُ: "
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنِّي عَامِرُ   شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ
" وَاخْتَلَفَا بضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ الْيَهُودِيِّ فِي تِرْسِ عَامِرٍ، وََوَقَعَ سَيْفُ عَامِرٍ عَلَى رُكْبَةِ نَفْسِهِ وَسَاقِهِ فَمَاتَ مِنْهَا. قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: فَمَرَرْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، فَأَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَأنَا أبْكِي فَأَخْبَرْتُهُ بذلِكَ، فَقَالَ: " كَذبَ مَنْ قَالَ ذلِكَ، بَلْ لَهُ أجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ".

ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيّاً رضي الله عنه وَكَانَ حِيْنَئِذٍ أرْمَدَ قَدْ عَصَبَ عَيْنَهُ بشِِقِّ بُرْدٍ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: فَجِئْتُ بهِ أقُودُهُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا لَكَ يَا عَلِيُّ؟ " قَالَ: رَمَدْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " أُدْنُ مِنِّي " فَدَنَا مِنْهُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرِئَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَمَا وُجِعَتْ عَيْنَاهُ بَعْدَ ذلِكَ أبَداً حَتَّى مَضَى سَبيلُهُ. ثُمَّ أعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ فَهَدَى بهَا وَعَلَيْهِ حُلَّةُ أُرْجُوَانٍ حَمْرَاءُ، فَأَتَى مَدِينَةَ خَيْبَرَ، فَخَرَجَ مَرْحَبُ صَاحِبُ الْحِصْنِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ وَحَجَرٌ قَدْ ثَقَبَهُ مِثْلَ الْبَيْضَةِ عَلَى رَأسِهِ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: "

السابقالتالي
2