الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }؛ يعني ما فَرَضَ عليهم في أموالِهم من الزكاةِ، { فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ }؛ بذلك، { وَمَن يَبْخَلْ }؛ بذلكَ، { فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ }؛ عاقبةُ بُخلِهِ تعودُ عليه في العقاب، فيصيرُ بُخلهُ على نفسهِ، { وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ }؛ عن ما عندَكم من الأموالِ وعن أعمالِكم، { وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ }؛ وأنتم مُحتَاجُونَ إلى اللهِ وإلى ما عندهِ من الجزاءِ والرَّحمةِ والمغفرة، ثم يأمرُكم بالإنفاقِ لحاجتهِ ولا لِجَرِّ منفعةٍ ولا لدفعِ مضَرَّة، وإنما أمرُكم بذلك لمصالِحكم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ }؛ أي وإنْ تُعرِضُوا عن طاعةِ الله يَسْتَبْدِلْ قَوماً لا يَعْصُونَ ويفعلون ما يُؤمَرون، وَقِيْلَ: معناهُ: وإنْ تُعرِضُوا عن الإسلامِ وعمَّا افتَرَضَ عليكم من حقٍّ يستبدِلْ قوماً غيرَكم أطوعَ للهِ منكم، { ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم }؛ بل يكون أمثلَ منكم وأطوعَ. قال الكلبيُّ: (هُمْ كِنْدَةُ وَالنَّخْعُ)، وقال الحسنُ: (هُمُ الْعَجَمُ)، قال عكرمةُ: (هُمْ فَارسُ وَالرُّومُ).

وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم " أنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ؛ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ إنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُواْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أمْثَالَنَا؟ فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ فِي صَدْر سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ - وَقِيلَ: عَلَى فَخِذِهِ - وَقَالَ: " هَذا وَأصْحَابُهُ ". وَقَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْ كَانَ الإيْمَانُ مُعَلَّقاً بالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رجَالٌ مِنْ أبْنَاءِ فَارسَ " " قال الكلبيُّ فِي قَوْلِهِ: { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } قَالَ: (لَمْ يَتَوَلَّوْا وَلَمْ يَسْتَبْدِلْ بهِمْ).