الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ } * { إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ }؛ أي الدُّنيا بما فيها من زينَتِها باطلٌ وغُرورٌ، تفنَى وتزولُ عن قريبٍ، واللَّعِبُ: العملُ الذي لا تتعلَّقُ به فائدةٌ، واللَّهْوُ: هو الفرحُ الذي لا يبقَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ }؛ أي تُؤمِنُوا بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم والقرآنِ، وتتَّقُوا الفواحشَ والكبائرَ، يُؤتِكُمْ ثوابَ أعمالكم كافياً وَافِياً، { وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ }؛ كلَّها في الإنفاقِ في سَبيلهِ، بل يأمرُكم بالإيمانِ والطاعة ليُثِيبَكم الجنَّةَ، ونظيرهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ } [الذاريات: 57].

وَقِيْلَ: معناهُ: ولا يسأَلُكم مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أموالَكم، وَقِيْلَ: معناهُ: ولا يسأَلُكم اللهُ ورسولهُ أموالَكم كلَّها، إنما يسألُكم رُبُعَ العُشرِ، فطِيبُوا نَفْساً، قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ }؛ معناهُ: إنْ يُجهِدْكُم في المسألةِ، ويُلِحَّ عليكم ويسألُكم جميعَ أموالِكم، فبَخِلُوا بها ويمنَعُوا الواجبَ.

وقوله: { وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } التي تحدثُ في القلوب بسبب البُخلِ، قال قتادةُ: (قَدْ عَلِمَ اللهُ أنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَالِ خُرُوجَ الأَضْغَانِ). وقوله { أَضْغَانَكُمْ } أي بَغضَكم وعداوَتَكم للهِ ولرسوله، ولكن فَرَضَ عليكم يَسِيراً وهو رُبُعُ العُشرِ. والإحْفَاءُ في المسألةِ: هو الإْلحَاحُ والتشديدُ. وَقِيْلَ: معنى الآيةِ: ولا يسألُكم أموالَكم لنفسهِ، بل يسألُكم ليُؤتِكُمْ أجُورَكم.