قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ }؛ أي لعرَّفنَاكَهُمْ وأعْلَمْنَاكَهُمْ، { فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ }؛ أي بالعلامةِ القبيحةِ التي نظهرها عليهم، قال الزجَّاجُ: (مَعْنَاهُ: لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا عَلَى الْمُنَافِقِينَ عَلاَمَةً؛ وَهِيَ السِّيمَاءُ؛ فَلَعَرَفْتَهُمْ بتِلْكَ الْعَلاَمَةِ). وقولهُ تعالى: { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ }؛ أعلمَ اللهُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُطلِعَهُ على نفاقِهم في فَحْوَى كلامِهم، فكان لا يتكلَّمُ بعدَ نُزولِ الآية منافقٌ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاَّ عُرِفَ بكلامهِ وبما يعتذرون إليه به مِن المعاذيرِ الكاذبة. قال المفسِّرون معنى قولهِ { فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } أي في فَحْوَى القولِ، ومعناهُ: ومَقْصَدِهِ، ويقالُ: فلانٌ لَحَنَ بحُجَّتهِ ولاَحَنَ في كلامهِ، وفي الحديث: " لَعَلَّ بَعْضَكُمْ ألْحَنُ بحُجَّتِهِ " أي أذْهَبُ بها في الجهاتِ لقوَّتهِ على تصريفِ الكلام، وإذا قِيْلَ: لَحَنَ في كلامهِ أو ألْحَنَ؛ فمعناهُ: ذهبَ بالكلامِ إلى خلافِ جهة الصَّواب. ولَحَنَ القارئُ إذا تركَ الإعرابَ الصَّوابَ وعدلَ عنه. وقولهُ تعالى: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ }؛ أي يعلمُ ظَواهِرَها وبوَاطِنَها.