الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ }؛ أي ما بَكَتْ على فرعونَ وقومه؛ أي كانوا أهْوَنَ من أن يَبكِي عليهم أحدٌ من أهلِ السَّماء والأرضِ، إنَّهم كانوا في مقامِ الجدي.

قال صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلاَّ وَلَهُ فِي السَّمَاءِ بَابَان: بَابٌ يَصْعَدُ فِيْهِ عَمَلُهُ، وَبَابٌ يَنْزِلُ فِيْهِ رزْقُهُ، فَإذا مَاتَ بَكَيَا عَلَيْهِ، وَكَذلِكَ مُصَلاَّهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيْهِ مِنَ الأَرْضِ " فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ }. وعن مجاهدٍ أنه قالَ: (إذا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ أرْبَعِينَ يَوْماً صَبَاحاً). وعن السديِّ قالَ: (لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ رضي الله عنه بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَيْهِ، وَبُكَاؤُهَا حُمْرَةُ أطْرَافِهَا).

والمعنى على هذا: لَمْ يكن لفرعونَ وقومه موضعُ طاعةٍ في الأرضِ ولا مصاعِدُ طاعاتٍ في السَّماء فتفقِدَهم وتبكِي عليهم، بخلافِ المؤمنين. وقولهُ تعالى: { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ }؛ أي لَمْ يُنظَروا ولم يُمهَلُوا حين أخذهم العذابُ لتوبةٍ ولا لغيرِها.