الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } * { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ }؛ قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: " لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ... } الآيةُ، قَرَأهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى: أخَاصٌّ هَذا أمْ عَامٌّ؟ فَقَالَ: " عَامٌّ " فَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى: فَإنَّ عِيسَى تَعْبُدُهُ النَّصَارَى، فَهُوَ وَالنَّصَارَى فِي النَّار، وَعُزَيْرٌ تَعْبُدُهُ الْيَهُودُ، وَخُزَاعَةُ تَعْبُدُ الْمَلاَئِكَةَ، فَإنْ كَانَ هَؤُلاَءِ فِي النَّار فَآلِهَتُنَا خَيْراً مِنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } ".

والمعنى: لَمَّا شبَّهوهُ بآلهتهم { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } يعني قومَهُ الكفارَ كانوا يضُجُّون ضجيجَ المجادَلةِ، حيث خاصَموهُ وقالوا: رضِينَا أن تكون آلهتَنا، وهو قولُهم: { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ }؛ أي ليست آلِهتُنا خيراً من عيسَى، فإنْ كان عيسَى في النار بأنه يُعبَدَ من دونِ الله فآلِهتُنا في النار.

قرئ (يَصِدُّونَ) بكسرِ الصاد وضمِّها، قال الفرَّاءُ والزجَّاجُ والأخفش والكسائيُّ: (هُمَا لُغَتَانِ، مَعْنَاهُمَا: يَضُجُّونَ). وَقِيْلَ: يَصُدُّونَ: يُعْرِضُونَ. ومَنَ قرأ بكسرِ الصاد فمعناهُ: يضحَكُون.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً }؛ أي ما ذكَروا لكَ وصفَ عيسى إلاَّ لِيُجادِلُوكَ به؛ لأنَّهم قد علِمُوا أن المرادَ بحصَب جهنَّم ما اتخذوهُ من الموتِ.

ثم ذكرَ أنَّهم أصحابُ خصُومَاتٍ فقالَ: { بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ }؛ أي جَدِلُونَ بالباطلِ، وعن أبي أُمامةَ الباهليِّ أنه قالَ: (مَا ضَلَّ قَوْمٌ إلاَّ أُوْتُوا الْجَدَلَ. ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ).