الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ }؛ أي ما كان لآدمِيٍّ أن يُكلِّمَهُ اللهُ مواجهةً بغيرِ حجابٍ، إلاَّ أن يوحِي أن يقذفَ في قلبهِ ويُلهِمَ إما في المنامِ أو بالإلهام، كما أخبرَ اللهُ في قصَّة إبراهيم عليه السلام في قولهإِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } [الصافات: 102].

وقولهُ تعالى: { أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } كما كلَّمَ موسَى عليه السلام، كان يسمعُ كلامَهُ من حيث لا يراهُ، أو يُرسِلَ من الملائكةِ جبريلَ أو غيرَهُ فيُوحِي ذلك الرسولُ إلى الْمُرْسَلِ إليه بإذن الله ما يشاءُ الله.

قال الزجَّاجُ: (الْمَعْنَى: أنَّ كَلاَمَ اللهِ لِلْبَشَرِ إمَّا أنْ يَكُونَ بإلْهَامٍ أوْ يُكَلِّمَهُمْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى، أوْ برِسَالَةِ مَلَكٍ إلَيْهِمْ). فمَن قرأ (أوْ يُرْسِلَ) بنصب اللام فمعناهُ: أو أنْ يُرسِلَ رسُولاً من الملائكةِ، كما أرسلَ جبريلَ عليه السلام، وتقديرهُ: وما كان لبشرٍ أن يُكلِّمَهُ اللهُ إلاَّ وَحْياً أن يُوحِي إليه أو يُكلِّمه من وراءِ حجابٍ أو يرسِلَ رسُولاً. ومَن قرأ بالرفعِ أرادَ: وهو يُرسِلُ فهو ابتداءٌ واستئناف، والوقفُ كافٍ على ما قبله.

وقولهُ تعالى: { إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ }؛ أي هو أعلَى مِن أن يدركَهُ الخلقُ بالأبصار الفانية بلا حجابٍ، الحكيمُ فيما يأمرُ وينهَى.