الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ }؛ أي وإمَّا يلحقنَّكَ مِن الشيطانِ وَسْوَسَةٌ عند هفوةِ غيرِك وعندما يدعُو بكَ إلى معصيةِ الله فتصرِفُكَ الوسوسةُ عن الاحتمالِ، { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ }؛ أي اعْتَصِمْ باللهِ من شرِّ الشَّيطانِ، امْضِ على حُكْمِكَ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ }؛ لِمقالَةِ أعدائِكَ، { ٱلْعَلِيمُ }؛ بهم وبمُجارَاتِهم.

ثُم ذكرَ اللهُ علاماتِ توحيدهِ ودلائل قُدرتهِ؛ فقال: { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ }؛ أي ومن آياتهِ الدَّالةِ على رُبُوبيَّتِهِ ووَحدَانِيَّتهِ الليلُ والنهارُ بما فيهما من المنافعِ والمقاصدِ، والشمسُ والقمرُ بما فيهما من البدائعِ، { لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ }؛ أي لا تَعبدُوا الشمسَ والقمرَ، واعبدُوا اللهَ الذي خَلَقَهُنَّ، { إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }؛ أي إنْ كُنتم تُرِيدونَ بعبادةِ الشَّمس والقمرِ عبادةَ اللهِ.

وذلك أنَّ قَوماً من الكفَّار يَسجُدونَ لَهما ويزعمونَ أنَّهم يتقرَّبون بذلكَ إلى اللهِ تعالى، فقيلَ لَهم: إنْ كنتم تريدون بذلكَ عبادةَ الله تعالى، فالسُّجود لِخالِقِهما أولَى من السُّجود لَهما.

فإنْ قِيْلَ: ما معنى قولهِ { خَلَقَهُنَّ } والقمرُ مذكَّرٌ والشمسُ مؤنَّثة، والمذكَّرُ والمؤنث إذا اجتمَعا غلبَ المذكَّر؟ قُلْنَا: إنَّ قوله (خَلَقَهُنَّ) راجعٌ إلى الآياتِ التي سَبَقَ ذكرُها في أوَّلِ هذه الآيةِ من الليل والنهار والشَّمسِ والقمر، ويكون ضميرُ ما لا يعقلُ على لفظ التأنيثِ كما يقالُ: هذه كِبَاشُ ذُبحْنَ وذُبحَتْ.