الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا }؛ أي حتَّى إذا جَاءُوا النارَ التي لم يقذفوا ثم يقذفون في النار. قولهُ تعالى: حُشِر أعداءُ الله حُبسُوا عندَها وهم يُعَاينُونَها، ويقالُ لَهم: أينَ شُركاؤُكم الذين كنتم تَزعُمون، فيجْحَدُون ويقولونَ: واللهِ ربنا ما كُنا مشركينَ، فعند ذلك يُخْتَمُ على أفواهِهم وتُسْتَنْطَقُ جوارحُهم { شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ } ، وكلُّ عُضوٍ من أعضَائِهم بما ارتكَبُوا من الكُفرِ والمعاصِي.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }؛ قال ابنُ عبَّاس: (يُرِيْدُ فُُرُوجَهُمْ، كَنَّى عَنْهَا بالْجُلُودِ). وَقِيْلَ: الجلودُ الجوارحُ، { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ } ، فيقولُ الكفَّار لجلودِهم بَعدَما يُرَدُّ النطقُ إلى ألسِنتهم: { لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا }؛ وعمِلتُم على هلاكِنا، { قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ }؛ وتَمَّ الكلامُ.

ثُم قَالَ اللهُ تَعَالَى: { وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }؛ أي ليسَ إنطاقهُ الجلودَ أبدعَ من خلقهِ إيَّاكم ابتداءً وإعادةً بعد الموتِ، وليس هذا مِن كلامِ الجلود.