الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ }؛ أي صَنَعَهُنَّ وأحكَمَهن وأتَمَّ خَلْقَهن سَبع سَماواتٍ بعضُها فوق بعضٍ بما فيهنَّ من الشمسِ والقمر والنجومِ، { فِي يَوْمَيْنِ } ، في يوم الخميسِ والجمُعة، فَتَمَّ خلقُ السماوات والأرض في ستَّة أيامٍ.

لفظُ القََضَاءِ في اللغة بمعنى الإتْمَامِ، ومِن ذلك: انقضاءُ الشَّيء إذا تَمَّ، وقضَى فلانٌ إذا ماتَ؛ لأنه تَمَّ عمرهُ، وقال الشاعرُ:
وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَان قََضَاهُمَا   دَاودُ أوْ صَنَعُ السَّوَابغِ تُبَّعُ
عَمِلَهما وصَنَعَهُمَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا }؛ قال قتادةُ: (يَعْنِي خَلْقَ شَمْسِهَا وَقَمَرِهَا وَنُجُومِهَا، وَخَلَقَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ خَلْقَهَا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَالْخَلْقِ الَّذِي فِيْهَا مِنَ الْبحَار وَجِبَالِ الْبَرِّ وَمَا لاَ يَعْلَمُهُ إلاَّ هُوَ). وَقِيْلَ: أمَرَ في كلِّ سَماءٍ بما أرادَ. وَقِيْلَ: أوحَى إلى أهلِ كلِّ سَمَاءٍ ما يصلحُها به مِن أمرهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ }؛ أي زَيَّنَا السَّمَاءَ القُربَى إلى الأرضِ بمصابيحَ وهي النجومُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَحِفْظاً }؛ أي وحَفِظْنَاهَا بالنُّجوم من استراقِ الشَّياطين السمعَ حِفْظاً.

وَقِيْلَ: انتصبَ (حِفْظاً) على تقديرِ: وزيَّنَّا السَّماءَ الدُّنيا بمصابيحَ زينةً وحِفظاً، فبعضُ النُّجوم زينةٌ للسَّماء لا يتحرَّكُ، وبعضُها يُهتدَى بها في ظُلمات البَرِّ والبحرِ، وبعضُها رجومٌ للشَّياطينِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }؛ أي ذلكَ الذي سَبَقَ ذِكْرُهُ؛ تقديرهُ: الْعَزِيْزُ في مُلكهِ القادرُ القاهرُ الذي لا يلحقهُ عَجْزٌ ولا يَعْتَرِيهِ سهوٌ ولا جهل، أحكَمَ ذلك كلَّهُ وأتقنَهُ حتى لا يدخلَهُ الخللُ مدَى الدُّهور.