الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً }؛ أي مُستقَرّاً للأحياءِ والأَموات، كما قالَ:فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } [الأعراف: 25] { وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً }؛ أي وجعلَ السَّماء سَقْفاً مرفُوعاً فوقَ كلِّ شيءٍ، { وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـم }؛ أي خلقَكم فَأحسنَ خلقَكُم.

قال ابنُ عبَّاس: (خَلَقَ اللهُ ابْنَ آدَمَ قَائِماً مُعْتَدِلاً يَأْكُُلُ بيَدِهِ، وَيَتَنَاوَلُ بيَدِهِ وَكُلُّ مَا خَلَقَ اللهُ يَتَنَاوَلُ بفِيهِ). وقال الزجَّاجُ: (خَلَقَكُمْ أحْسَنَ الْحَيْوَانِ كُلِّهِ)، { وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ }؛ أي من لَذِيذِ الأطعمَةِ وكريمِ الأغذية.

وقولهُ تعالى: { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ }؛ أي الذي فَعَلَ ذلك كلَّهُ هو ربُّكم فاشكروهُ، { فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }؛ أي فتعالَى اللهُ دائمُ الوجودِ لم يزَلْ ولا يزالُ ربَّ كلِّ ذي روحٍ من الجنِّ والإنسِ وغيرها، { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ }؛ بلاَ أوَّلٍ ولا آخرٍ، لم يَزَلْ، كان حَيّاً ولا يزالُ حيّاً، مُنَزَّهٌ عن كلِّ آفاتٍ، وليس أحدٌ غيرهُ من الأحياءِ بهذه الصِّفات، لا مستحقٌّ للإلهيَّة غيره، { فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، فوحِّدوهُ مخلصين له الدِّين؛ أي الطاعةِ، واشكروهُ على معرفةِ التوحيد. قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه: (إذا قَالَ أحَدُكُمْ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ فَيَقُلْ فِي إثْرِهَا: الْحَمْدُ للهِ رَب الْعَالَمِينَ).