الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً }

قوله عَزَّ وَجَلَّ: { مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ }؛ أي مَنْ يصلِحْ بين اثنين يَكُنْ لهُ أجرٌ وثواب مِن ذلك الإصلاحِ، ومن يَمْشِي بالْغِيْبَةِ والنَّمِيْمَةِ لهُ حظٌّ من وزْرهَا وعقوبتِها، هكذا رويَ عن ابنِ عبَّاس، وقيلَ: معناهُ: من يوحِّدْ ويأمُرْ بالتوحيدِ يكُنْ له أجرٌ من ذلكَ، ومن يُشْرِكْ ويأمُرْ بالشِّركِ يكن له وزْرٌ مِن ذلكَ. ويقالُ: الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ هي للمؤمنينَ، والشفاعة السيِّئةُ الدعاءُ عليهِم، فإنَّ اليهودَ كانوا يدعون على المؤمنينَ فَتَوَعَّدَهُمُ اللهُ بذلكَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { كِفْلٌ مِّنْهَا }؛ قال ابنُ عبَّاس وقتادةُ: (الْكِفْلُ: الإثْمُ وَالْوِزْرُ). قال الفرَّاء وأبو عبيدٍ: (الْكفْلُ: الْحَظُّ وَالنَّصِيْبُ).

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً }؛ قال الكلبيُّ عن أبي صالحٍ عن ابنِ عبَّاس: (مُقِيْتاً أيْ مُقْتَدِراً مُجَازياً بالْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ)، قال الشاعرُ:
وَذِي ضِعْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عَنْهُ   وَكُنْتُ عَلَى مُسَاءَتِهِ مُقِيْتَا
أي مُقْتَدِراً. وقال الزجَّاج: (الْمُقِيْتُ: الْحَفِيْظُ). قال الشاعرُ:
ألِيَ الْفَضْلُ أمْ عَلَيَّ إذا حُو   سِبْتُ أنِّي عَلَى الْحِسَاب مُقِيتُ
وقال مجاهدُ: (الْمُقِيْتُ الشَّاهِدُ). وقال الفرَّاء: (الْمُقِيْتُ الَّذِي يُعْطِي كُلَّ إنْسَانٍ قُوْتَهُ). وجاء في الحديثِ: " كَفَى بالْمَرْءِ إثْماً أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقَوَّتُ - أو يُقِيْتُ - "