الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا }؛ وذلك: " أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ أتَى الْبَيْتَ لِيَدْخُلَهُ؛ فَسَأَلَ عَنِ الْمِفْتَاحِ؛ فَقِيلَ: هُوَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الدَّار وَكَانَ سَادِنَ الْكَعْبَةِ، فأَرْسَلَ إلَيْهِ؛ فَقَالَ لَهُ: " هَاتِ الْمِفْتَاحَ " فَأَبَى، فََلَوَى عَلِيٌّ رضي الله عنه يَدَهُ وَأََخَذهُ مِنْهُ وَفَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ، وَصَلَّى فِيْهِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ: بأَبي أنْتَ وَأمِّي يَا رَسُولَ اللهِ؛ إجْعَلْ لِيَ السِّدَانَةَ مَعَ السِّقَايَةِ - يَعْنِي اجْعَلْ لِي مِفْتَاحَ الْبَيْتِ - فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا } فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيّاً رضي الله عنه أنْ يَرُدَّ الْمِفْتَاحَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ؛ فَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ عُثْمَانُ: أنَا أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ؛ وَأسْلَمَ، فَقَالَ جِبْرِيْلُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا دَامَ هذا الْبَيْتُ أرَى اللَّبنَةَ مِنْ لَبنَاتِهِ قَائِمَةً؛ فَإنَّ الْمِفْتَاحَ فِي أوْلاَدِ عُثْمَانَ بْنِ أبي طَلْحَةَ ".

روي: " أنَّهُ لَمَّا طَلَبَ الْمِفْتَاحَ مِنْ عُثْمَانَ أبَى: فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " يَا عُثْمَانُ؛ إنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَهَاتِ الْمِفْتَاحَ " فَقَالَ: هَاكَ أنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؛ خُذْهُ بأمَانَةِ اللهِ. فَأَخَذ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِفْتَاحَ فَفَتَحَ الْبَابَ وَمكَثَ فِي الْبَيْتِ مَا شَاءَ اللهُ، فَلَمَّا خَرَجَ نَزَلَ جِبْرِيْلُ بهَذِهِ الآيَةِ " ويدخلُ في هذا جملةُ الأمانةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ }؛ خطابٌ لِلأَئِمَّةِ؛ أي ويَأْمُرُكُمُ اللهُ أن تحكمُوا بين الناس بالحقِّ، { إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ }؛ أي نِعْمَ الذي يَأَمُرُكُمْ به من أداءِ الأمَانَةِ والحكمَ بالحقِّ، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً }؛ لِمَقَالَةِ الْعَبَّاسِ؛ { بَصِيراً }؛ بأمَانَةِ عُثمَانَ.