الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ }؛ قال ابنُ عبَّاس: (وَذَلِكَ أنَّ رُؤَسَاءَ مَكَّةَ أتَواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ: سَأَلْنَا الْيَهُودَ عَنْ نَعْتِكَ وَصِفَتِكَ؛ فَزَعَمُواْ أنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَكَ فِي كُتُبهِمْ، فَأْتِنَا بمَنْ يَشْهَدُ لَكَ أنَّ اللهَ بَعَثَكَ إلَيْنَا رَسُولاً، فَأَنَزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ، وَأنْزَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى:قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } [الأنعام: 19]).

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ }؛ أي على عِلْمٍ منهُ بأنَّكَ أهْلٌ لإنزالهِ عليكَ، وعَلِمَ من يَقْبَلُ ومن لا يقبلُ كما قالَ اللهُ تعالى:ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [الأنعام: 124]. وَقِيْلَ: معناهُ: { أنْزَلَهُ بعِلْمِهِ } أي عَلِمَ ما فيهِ من الأحكامِ وما تحتاجُ إليه العبادُ من أمرِ دِينهم ودُنياهم ثُمَّ أنْزَلَهُ. وَقِيْلَ: معناهُ: أنزلَهُ إليكَ من عندهِ لم يُبَدِّلْ ولم يُغَيَّرُ، بل وَصَلَ إليكَ كما كان في اللَّوحِ الْمَحْفُوظِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ }؛ أي يشهدونَ على شهادَةِ اللهِ، وعلى شهادتِكَ بأنَّ الذي شَهِدْتَ به حَقٌّ، وقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً }؛ أي اكْتَفُوا باللهِ شهيداً في شهَادَتِهِ أن تَشْهَدَ اليهودُ بما في كتابهم.