الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }

قوله عَزَّ وَجَلَّ: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَابِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَابِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِن قَبْلُ }؛ قال الكلبيُّ عن أبي صالحٍ عنِ ابن عبَّاس: " نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي عَبْدِاللهِ بْنِ سَلاَمٍ؛ وَأسَدِ بْنِ كَعْبٍ وَأَخِيْهِ أُسَيْدٍ؛ وَثَعْلَبَةِ بْنِ قَيْسٍ؛ وَسَلاَمِ ابْنِ أخْتِ عَبْدِاللهِ بْنِ سَلاَمٍ؛ وَسَلَمَةِ ابْنُ أخِيْهِ؛ وَيَامِيْنِ بْنِ يَامِيْنَ، فَهَؤُلاَءِ مُؤْمِنُو أهْلِ الْكِتَاب، أتَواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّا نُؤْمِنُ بكَ وَبكِتَابكَ وَبمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ وَبعُزَيْرٍ، وَنَكْفُرُ بمَا سِوَاهُ مِنَ الْكُتُب وَالرُّسُلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " بَلْ آمِنُواْ باللهِ وَبرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَبالرُّسُلِ كُلِّهِمْ وَبكِتَابهِ الْقُرْآن وَبُكلِّ كِتَابٍ أنْزَلَهُ اللهُ " قَالُواْ: لاَ نَفْعَلُ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ".

ومعناها: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمُحَمَّدٍ والقُرْآنِ ومُوسى والتَّوراةِ { آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } مُحَمَّدٍ { وَٱلْكِتَابِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَابِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِن قَبْلُ } يعني الكُتُبَ الْمُتَقَدِّمَةَ التَّوراةَ والإنْجِيْلَ والزَّبُورَ وسائرَ الكُتُب الْمُنَزَّلَةِ، { وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }؛ أي أخْطَأَ خَطَأً بَعِيْداً، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّا نُؤْمِنُ باللهِ وَبرَسُولِهِ وَالْقُرْآنِ؛ وَكُلِّ كِتَابٍ كَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ؛ وَكُلِّ رَسُولٍ كَانَ مِنْ قَبْلُ؛ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنْهُمْ، كما فَرَّقَتِ اليهودُ والنصارَى.

ومعنى الآية: يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا بموسَى والتوراةِ وعيسَى والإنْجيلِ آمِنُواْ بمُحَمَّدٍ وَالْقُرْآنِ. قال أبُو العاليةِ وجماعةٌ من المفسِّرين: (هَذِهِ الآيَةُ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِيْنَ، وَتَأْوِيْلُهَا: يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ آمِنُواْ؛ أيْ أقِيْمُواْ وَاثْبُتُواْ عَلَى الإيْمَانِ). وقال بعضُهم: إنَّها خطابٌ للمنافقينَ؛ ومعناها: يا أيُّها الذينَ آمَنُوا في الْمَلأ آمِنُواْ في الْخَلاءِ. وقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } أي من يَجْحَدْ بوحدانيَّةِ اللهِ تعالى وبملائكتهِ وكُتُبهِ ورسُلِهِ والبعثِ بعدَ الموتِ؛ فقد أخْطَأَ خَطأً بَعِيْداً عنِ الحقِّ والصواب.