قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ }؛ أي لكم يا مَعْشَرَ الرجالِ: نِصْفُ مَا تَرَكَ نساؤُكم إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ذكرٌ أو أنثى أو مِن غيرِكم أو ولدِ ولده؛ { فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ }؛ أي ذكرٌ أو أنثى منكم أو مِن غيركِم أو ولد ولده؛ { فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ }؛ مِن المال، { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ }؛ أي مِن بعدِ قضاء الدَّين عليهنَّ أو إمضاءِ وصيَّة أوْصَيْنَ بهَا من الثُّلُثِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ }؛ أي مِمَّا تركتُم أيُّها الأزواجُ من المالِ، { إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ }؛ ذكرٌ أو أنثى أو وَلَد ابن منهنَّ أو غيرهن؛ { فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم }؛ ذلك، { مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ }؛ قضاءُ دَيْنٍ عليكم، إوْ إمضاءُ وصيَّة أوصيتم بهَا من الثُّلُثِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ }؛ الآيةُ وإن كان رجلٌ، أو امْرأةٌ يورَثُ { كَلَٰلَةً } وهو نُصِبَ على المصدر، وقيلَ على الحالِ، وقيلَ: على خبرِ ما لَم يسمَّ فاعلهُ؛ تقديرهُ: وإنْ كانَ رجلٌ يوَرثُ مالهُ كَلاَلَةً، قاله ابنُ عبَّاس. وقرأ الحسنُ: (يُورثُ) بكسرِ الراء؛ جعلَ الفعل لهُ.
واختلفُوا في الكَلاَلَةِ، قال ابنُ عبَّاس: (هُوَ مَنْ لاَ وَلَدَ لَهُ وَلاَ وَالِدَ). وعن ابنِ عبَّاس وعمرَ وجابر وأبي بكرٍ وقتادةَ والزهريِّ: (الْكَلاَلَةُ اسْمٌ لِمَا عَدَا الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ). وقال الشعبيُّ: (سَمِعْتُ أنَّ أبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ فِي الْكَلاَلَةِ: أقْضِي فِيْهَا، فَإنْ كَانَ صَوَاباً فَمِنَ اللهِ تَعَالَى، وَإنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللهُ بَرِيْءٌ مِنْهُ: هُوَ مَا دُونَ الْوَالِدِ وْالْوَلَدِ، يََقُولُ كُلُّ وَارثٍ دُونَهُمَا كَلاَلَةٌ). قالَ: (فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بَعْدَهُ، قَالَ: إنِّي أسْتَحِي مِنَ اللهِ أنْ أخَالِفَ أبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، هُوَ مَا خَلاَ الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ). وقال طاوُوس: (هُوَ مَا دُونَ الْوَلَدِ) وقال الحكمُ: (هُوَ مَا دُونَ الأَب).
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ }؛ إنَّمَا لم يقل ولَهُما؛ لأن مِن عادةِ العرب أنَّ الرجُلَ والمرأةَ ربَّما أضافت إليهما، وربما أضافت إلى أحدِهما، وكلاهُما جائزٌ، ومعنى: وَلَهُ أخٌ أوْ أخْتٌ من أمٍّ، وفي قراءةَ أبَيِّ وسعدِ بن أبي وقَّاص: (وَلَهُ أخٌ أوْ أخْتٌ مِن أمٍّ)، { فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ }؛ مما ترك الميتُ من المالِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ }؛ أي أكْثَرَ من واحدٍ فَهُمْ كلُّهم سواءٌ في الثُّلُثِ لا يفضَّل الذكرُ على الأُنثى. قَوْلُهُ تَعَالَى: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ }؛ قد تقدَّم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { غَيْرَ مُضَآرٍّ }؛ نُصِبَ على الحالِ؛ أي يوصي بها الميتُ غير مُضَارٍّ في حالِ وصيَّة بأن يزيدَ على الثُّلُثِ، ويفضَّل بعضُ الورثةِ على بعضٍ. قال صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اللهَ قَدْ أعْطَى كُلَّ ذِي حَقِّ حَقَّهٌ؛ فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارثٍ إلاَّ أنْ يُجِيْزَهَا الْوَرَثَةُ "
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ }؛ نُصِبَ على المصدر؛ { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ }؛ عَلِيْمٌ بما دبَّره من هذه الفرائضِ؛ حَلِيْمٌ على مَن عَصَاهُ بأن أخَّرَهُ وقَبلَ التوبةَ.