الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }؛ نَزَلَتْ فِي طُعَمَةَ؛ وَذَلِكَ أنَّهُ لَمَّا نَزَلَ فِيْهِ الْقُرْآنُ، وَعَلِمَ قَوْمُهُ أنَّهُ ظَالِمٌ، وَخَافَ هُوَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَطْعَ وَالْفَضِيْحَةَ؛ هَرَبَ إلَى مَكَّةَ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ، ومعناها: ومن يخالفِ الرسولَ في التوحيدِ والحدُودِ مُعَانِداً من بعدِ ما تَبَيَّنَ له حكمُ اللهِ، ويتَّبع ديناً غيرَ دينِ المؤمنين وهو دينُ أهلِ مكَّة؛ { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ }؛ أي نَكِلُهُ في الآخرةِ إلى ما تولَّى. قِيْلَ: وَنَتْرُكُهُ إلى ما اختارَ لنفسهِ في الدُّنيا؛ أي لا يتولَّى اللهُ نَصْرَهُ ولا معونتَه، { وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ }؛ أي وَنُلْزِمُهُ دخولَ جهنَّم في الآخرةِ، { وَسَآءَتْ }؛ جهنَّمُ؛ { مَصِيراً }؛ أي لِمن صارَ اليها.

فَلَمْ يَتُبْ طُعْمَةُ وَلَمْ يَنْدَمْ، وَأقََامَ عَلَى كُفْرِهِ، ثُمَّ إنَّهُ نَقَبَ بَيْتَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِنْ أهْلِ مَكَّةَ؛ فَسَقَطَ عَلَيْهِ حَجَرٌ فَنَشَبَ فِيْهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَدْخُلَ وَلاَ يَخْرُجَ حَتَّى أصْبَحَ؛ فَأَخَذهُ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَعُوهُ؛ فَإنَّهُ قَدْ لَجَأَ إلَيْكُمْ وَتَحَرَّمَ بكُمْ فَاتْرُكُوهُ؛ فَأَخَرَجُوهُ مِنْ مَكَّةَ، فَخَرَجَ مَعَ قَوْمٍ مِنَ التُّجَّار نَحْوَ الشَّامِ؛ فَنَزَلُواْ مَنْزِلاً فَسَرَقَ بَعْضَ مَتَاعِهِمْ وَهَرَبَ، فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ؛ فَرَمَوْهُ بالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ؛ فَصَارَ قَبْرُهُ تِلْكَ الْحِجَارَةَ.