الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ }؛ أي لَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عليكَ يا مُحَمَّدُ بالنبوَّة والإسلامِ؛ وَرَحْمَتُهُ بإرسالِ جبريلَ عليه السلام إليكَ بالقُرْآنِ الذي فيه خَبَرُ ما غاب عنكَ لقصدتَ من قومِ طُعْمَةَ أن يُخْطِئُوكَ ويحملوكَ أن تَحْكُمَ بما هو غيرُ واجبٍ في الباطنِ، وأن تُبَرِّئَ الخائنَ من غيرِ حقيقيةٍ؛ { وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ }؛ أي وما يكون إضْلالُهم إلاَّ على أنفسِهم، { وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ }؛ ولا ينقصونَكَ شيئاً مع عِصْمَةِ الله تعالى إيَّاكَ؛ { وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ }؛ أي القُرْآنَ ومعرفةَ الحلالِ والحرامِ؛ { وَعَلَّمَكَ }؛ بالْوَحْيِ؛ { مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ }؛ قَبْلَهُ؛ { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }؛ بالنبوَّة والإسلامِ.

وفي هذه الآياتِ دلالةٌ أنه لا يجوزُ لأحدٍ أن يخاصِمَ عن غيرهِ في إثباتِ حقٍّ أو نفيهِ وهو غيرُ عالِمٍ بحقيقةِ أمرهِ، وأنه لا يجوزُ للحاكمِ الْمَيْلُ إلى أحدِ الخصمين، وإن كان أحدُهما مُسلماً والآخرَ كافراً، وأن وجودَ السرقةِ في يدَيّ إنسانٍ لا يوجبُ الحكمَ بها عليهِ.