الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ }؛ أي مَنْ يعمَلْ معصيةً فإنَّما عقوبتهُ على نفسهِ، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }؛ أي لَمْ يزل عَلِيْماً بكلِّ ما يكونُ، حَكِيْماً فيما حَكَمَ به من القَطْعِ على السارقِ. وَقِيْلَ: معنى الآيةِ: { وَمَنْ يَكْسِبْ إثْماً } يعني بيَمِيْنِهِ بالباطلِ، فَإنَّما يَضُرُّ به نفسَهُ، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بسارقِ الدِّرع، { حَكِيماً } حَكَمَ بالقطعِ على طُعْمَةَ بالسَّرقةِ.

وقد روي: أنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ؛ عَرَفَ قَوْمُ طُعْمَةَ كُلُّهُمْ أنَّهُ هُوَ الظَّالِمُ، فَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِ وَقَالُواْ لَهُ: اتَّقِ اللهَ وَائْتِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَبُوءُ بالذنْب، فَقَالَ: لاَ؛ وَالَّذِي يُحْلَفُ بهِ مَا سَرَقَهَا إلاَّ الْيَهُودِيُّ. فنَزل قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }؛ أي وَمن يعمل معصيةً بغيرِ عمدٍ أو متعمِّداً ثُمَّ يَرْمِ بَرِيْئاً؛ فقد استوجبَ عقوبةَ الْبُهْتَانِ برميهِ غيرَهُ بشيء لم يفعلْهُ { وَإِثْماً مُّبِيناً } أي ذنْباً بَيِّناً ظَاهِراً.

وَقِيْلَ: معناهُ: { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً } أي بيمينهِ الكاذبة { أَوْ إِثْماً } بسرقةِ الدِّرعِ وَرَمْيِ اليهودي. والْبُهْتَانُ: بَهُتَ الرَّجُلِ بمَا لَمْ يَفْعَلْهُ. وقال الزجَّاج: (الْبُهْتَانُ الْكَذِبُ الَّذِي يُتَحَيَّرُ مِنْ عِظَمِهِ).