الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ }؛ قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه: (إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي وَحْشِي وَأصْحَابهِ الَّذِينَ قَتَلُواْ حَمْزَةَ عَمِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَمَاعَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أرْسَلُواْ إلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم رَسُولاً يَطْلُبُونَ التَّوْبَةَ، فَأَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ).

وعن ابنِ عبَّاس رضي الله عنه قالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى وَحْشِي يَدْعُوهُ إلَى الإسْلاَمِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ: يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ تَدْعُونِي إلَى دِينِكَ وَأنْتَ تَزْعُمُ أنَّهُ مَنْ قَتَلَ أوْ أشْرَكَ أوْ زَنَى يَلْقَ أثَّاماً، يُضَاعَفُ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدُ فِيْهِ مُهَاناً؟ وَأنَا قَدْ فَعَلْتُ ذلِكَ كُلُّهُ، فَهَلْ تَجِدُ لِي فِيْهِ رُخْصَةً؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً }.

فَقََالَ وَحْشِي: هَذا شَرْطٌ شَدِيدٌ لاَ أقْدِرُ عَلَى هَذا، فَهَلْ غَيْرُ ذلَك؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } وَقَالَ وَحْشِي: وَإنِّي فِي شُبْهَةٍ فَلاَ أدْري أيُغْفَرُ لِي أمْ لاَ، فَهَلْ غَيْرُ ذلِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } فَجَاءَ وَحْشِي فَأَسْلَمَ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ لَهُ خَاصَّةً أمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ فَقَالَ: " بَلْ لِلْمُسْلِمينَ عَامَّةً " ".

معنى الآيةِ: قُل يا عبادِي الذي جاوَزُوا الحدَّ في المعاصِي بالكُفرِ والزِّنا والقتلِ ونحوِها: لا تيأَسُوا من رحمةِ اللهِ، { إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً }؛ أي الصغائرَ والكبائرَ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ }؛ لِمَن تابَ وآمَنَ، { ٱلرَّحِيمُ }؛ بمَن تابَ على التوبةِ.