الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ }؛ أي خلقَ السَّماوات والأرضَ عبرةً للخلقِ، وإقامةً للحقِّ لا للعبثِ والباطلِ، يُدِيرُ الليلَ على النهار، ويديرُ النهارَ على الليلِ، وكلُّ واحدٍ على الآخرِ، ويزيدُ من ساعاتِ أحدِهما في ساعاتِ الآخر.

والتكويرُ: هو إدارَةُ الشيءِ على الشيء، ومنه كُورُ العِمَامَةِ، وقد تسمَّى الزيادةُ كُوراً، كما قيلَ في الدُّعَاءِ: " اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الْحَوَر بَعْدَ الْكَوَر " أي من النُّقصان بعدَ الزيادةِ. وقولهُ: { وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى }؛ أي إلى الوقتِ الذي وقَّتَ اللهُ الدنيا إليه وهو انقضاؤُها وفناؤها، وقولهُ: { أَلاَ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ }؛ أي خالقُ هذه الأشياءِ هو اللهُ الغالب على كلِّ شيء، الغفَّارُ لأوليائهِ وأهلِ طاعتهِ.