الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ }؛ معناهُ: أفمَن وسَّعَ الله صدرَهُ لقَبولِ الإسلام، فهو على بيانٍ وحجَّة من ربه يُبصِرُ به الحقَّ من الباطلِ، كمَن طبعَ الله على قلبهِ فلم يهتَدِ للحقِّ لقَسوَتهِ، فال قتادةُ: (فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبهِ: النُّورُ هُوَ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، فِيْهِ يَأْخُذُ وَبهِ يَنْهَى).

وتقديرُ الآيةِ: أفمَن شرحَ اللهُ صدرَهُ للإسلامِ فهو على نورٍ من ربه، كمَن قَسِيَ قلبهُ. وعن ابنِ مسعود رضي الله عنه أنه قالَ: " تَلاَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ، قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هَذا الانْشِرَاحُ؟ قَالَ: " إذا دَخَلَ نُورٌ الْقَلْبَ انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ " قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَمَا عَلاَمَةُ ذلِكَ؟ قَالَ: " الإنَابَةُ إلَى دَار الْخُلُودِ، وَالتَّجَافِي عَنْ دَار الْغُرُور، وَالتَّأَهُّب لِلْمَوْتِ قَبْلَ لِقَاءِ الْمَوْتِ " قِيْلَ: إنَّ هذه الآيةَ نزلت في عمَّار بن ياسرٍ، وقال مقاتلُ: (أفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإسْلاَمِ يَعْنِي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم).

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ }؛ هم أبُو جهلٍ وأصحابهُ من الكفَّار، { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }. وَقَِيْلَ: إنَّ قولهُ { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } يعني عَلِيّاً وحمزةَ، وقولهُ تعالى { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } هو أبو لَهَبٍ وأولادهُ. وقولهُ { مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي عن ذكرِ اللهِ.