الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ } * { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا }؛ يعني اجتنَبُوا كلَّ ما يُعبَدُ من دون اللهِ، { وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ }؛ أي ورجَعُوا إلى طاعةِ الله بعزَائمِهم وأقوالِهم وأفعالهم، { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ }؛ بالجنَّة، { فَبَشِّرْ عِبَادِ * ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }؛ وذلك لأنَّ القرآن يشتملُ على ذكرِ المباحات والطَّاعات، والمباحات حسَنةٌ، والطاعات أحسَنُ، واستحقاقُ الثواب يتعلَّقُ بفعلِ الأحسنِ.

ويجوزُ أن يكون معنى الآيةِ: أن العفوَ عن القصاصِ أحسنُ من استيفاءِ القصاصِ، والصبرُ أحسن من الانتصار، كما قََالَ اللهُ تَعَالَى:وَأَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } [البقرة: 237]، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى:وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43]، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى:فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ } [البقرة: 184] فجعلَ الأخذ بأحسنِ الطَّريقَين أعظمُ للصواب.

وَقَِيْلَ: معنى { فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } أي أحسنَهُ وكلُّه حسنٌ، قولهُ تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ }؛ أي الذين وصَفْنَاهم، { وَأُوْلَـٰئِكَ } ، هم الذين وفَّقَهم اللهُ للصواب، { هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }؛ أي ذوُو العقولِ.

وقال عطاءُ عن ابنِ عبَّاس: (أنَّ أبَا بَكْرٍ رضي الله عنه آمَنَ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَدَّقَهُ، فَجَاءَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَعَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدُ وَسَعِيدُ، فَسَأَلُوهُ فَأَخْبَرَهُمْ بإيْمَانِهِ فآمَنُوا، فَنَزَلَ فِيْهِمْ { فَبَشِّرْ عِبَادِ * ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ } أيْ يَسْتَمِعُونَهُ مِنْ أبي بَكْرٍ { فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } أيْ حُسْنَهُ، وَكُلُّهُ حَسَنٌ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ ذوُو الْعُقُولِ).