الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ }؛ أي حَلَفَ كفارُ مكَّة باللهِ غايةَ أيْمانِهم قبلَ أنْ يأتيهم مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم، { لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ }؛ أي رسولٌ، { لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ }؛ أي ليكونُنَّ أسرعَ إجابةً وأصوبَ دِيناً من إحدَى الأُمم، اليهودُ والنصارَى والصَّابئين وغيرهم، { فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ }؛ يعني مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم، { مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً }؛ عن الحقِّ وتباعداً عن الهدى، وقولهُ تعالى: { ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ }؛ منصوبٌ على أنه مفعولٌ له (أيْ مَا زَادَهُمْ إلاَّ نُفُوراً). الاستكبارُ في الأرضِ عُتُوّاً على اللهِ وتكَبُّراً عن الإيمانِ، وَقِيْلَ: على البدلِ مِن قوله (نُفُوراً). وَقِيْلَ: على المصدر.

وقولهُ تعالى: { وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ }؛ أي القصدَ أي الإضرارَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابهِ من حيث لا يشعُرون. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ }؛ أي لا يحيقُ ضرَرُ المكرِ السيِّ إلاَّ بفاعلهِ، فقُتِلُوا يومَ بدرٍ، والمكرُ السيِّء هو العملُ القبيح، وقولهُ تعالى { وَلاَ يَحِيقُ } أي ولا يحِلُّ ولا ينْزِلُ إلاَّ بأهلهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ }؛ أي ما ينظرُ أهل مكَّة إلا أن ينْزِلَ بهم العذابُ مثلَ ما نزلَ بمَن قبلَهم من الأُمَم السَّالفة المكذِّبة. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً }؛ أي لا يقدرُ أحدٌ أن يُحوِّلَ العذابَ عنهم إلى غيرِهم.