الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } * { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ }؛ أي ما أرسَلنَا في أهلِ قريَةٍ مِن رسولٍ إلاَّ قال رؤَساؤُها وأعيَانُها وأُولُو النِّعمَةِ فيها: { إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ }؛ مِن الإيْمانِ والتَّوحيدِ، { كَافِرُونَ * وَقَالُواْ }؛ للرُّسُلِ: { نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً }؛ فكما فُضِّلْنَا عليكم في الدُّنيا لن نُعَذبَ بذُنوبنا في الآخرةِ! افتخَرَ مُشرِكُوا مكَّة على رسولِ الله والمؤمنينَ بأموَالِهم وأولادِهم، وظَنُّوا أنَّ اللهَ إنَّما خوَّلَهم المالَ والولدَ كرامةً لَهم عندَهُ، فقالوا { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ }؛ أي إنَّ اللهَ أحسَنَ إليْنا بالمالِ والولدِ فلا يعذِّبُنا!

فقَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبيِّهِ عليه السلام: { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ }؛ يعني أنَّ بَسْطَ الرزقِ وتضييقهِ مِن الله تعالى بفعلهِ إبتلاءً وامتحاناً، ولا يدلُّ البسطُ على رضَا اللهِ تعالى، ولا التضييقُ على سَخَطِهِ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }؛ يعني أهلَ مكَّة لا يعلمونَ حين ظَنُّوا أنَّ أموالَهم وأولادَهم دليلٌ على كرامةِ اللهِ لَهم.