الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ }؛ أي نَسِّبُوا هؤلاءِ الأدعياء إلى الآباءِ الذين قد وُلِدُوا على فِرَاشِهم وقولوا: زيدُ بنُ حارثةَ، ولا تقولوا: زيدُ بن مُحَمَّدٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ }؛ أي أعْدَلُ في حُكمِ الله من نِسبَتِكم إياهم إلى الذين تبنَّوهُم. وعن ابنِ عمرَ رضي الله عنه أنه كان يقولُ: (مَا كُنَّا نَدْعُوا زَيْدَ بْنَ حَارثَةَ إلاَّ زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ }.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ }؛ فهم إخوانُكم في الدِّين؛ أي مَن أسْلَمَ منهم، { وَمَوَالِيكُمْ }؛ أي وبنُو أعمَامِكم، فقولوا: يا أخِي ويا ابنَ عَمِّي في الآيةِ إباحةُ إطلاق اسم الأُخُوَّةِ وحظْرُ اطلاقِ اسم الأبوَّةِ، وفي ذلك دليلٌ على أن مَن قال لعبدهِ: هذا أخِي؛ لَم يُعْتَقْ لأنه يحتملُ الأخُوَّة في الدِّين، وإن قال: هذا ابنِي؛ عُتِقَ لأن ذلك ممنوعٌ في غير النَّسب.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ }؛ أي ليس عليكم إثْمٌ في نِسْبَةِ الرجُل إلى غير أبيه على وجهِ الخطأ. قال قتادةُ: (وَلَوْ دَعَوْتَ رَجُلاً لِغَيْرِ أبيْهِ وَأنْتَ تَحْسَبُ أنَّهُ أبُوهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ بَأْسٌ)، { وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ }؛ أي ولكنِ الإثمُ عليكم فيما تعمَّدونَهُ من ادعائهم إلى غيرِ آبائهم، { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً }؛ أي لِمَن تعمَّدَ ثم تابَ، { رَّحِيماً }؛ به بعدَ التوبةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } موضع قوله (مَا) خُفِضَ عطفاً على قولهِ { فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ } تقديرهُ: ولكن فيما تعمَّدت قلوبُكم.