الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

{ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ }؛ قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: " وَذلِكَ أنَّ أبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ؛ وَعِكْرِمَةَ بْنَ أبي جَهْلٍ؛ وَأبَا الأَعْوَر السُّلَمِيِّ قَدِمُواْ فَنَزَلُواْ عَلَى عَبْدِاللهِ بْنِ أُبَيٍّ رَأسِ الْمُنَافِقِيْنَ؛ وَجَدِّ ابْنِ قَيْسٍ؛ وَمُعْتَب ابْنِ قَسْرٍ الْمُنَافِقَيْنِ.

وَكَانَ يَوْمَئِذٍ مَعَ الْمُشْرِكِيْنَ عَبْدُاللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أبي سَرْحٍ، فَطَلَبُواْ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ كَانُواْ طَلَبُواْ مِنْهُ الأَمَانَ عَلَى أنْ يُكَلِّمُوهُ، فَقَالُواْ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفُضْ ذِكْرَ آلِهَتِنَا اللاَّتَ والْعُزَّى وَمَنَاتَ، وَقُلْ: إنَّ لَهَا شَفَاعَةً فِي الآخِرَةِ وَمَنْفَعَةً لِمَنْ عَبَدَهَا، وَنَدَعُكَ أنْتَ وَرَبُّكَ! فَشُقَّ ذلِكَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب رضي الله عنه: ائْذنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ فِي قًتْلِهِمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إنِّي قَدْ أعْطَيْتُهُمُ الأَمَانَ ". فَأَمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ أنْ يُخْرِجَهُمْ مِنَ الْمَدِيْنَةِ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه: أُخْرُجُواْ فِي لَعْنَةِ اللهِ وَغَضَبهِ " ، وَأنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ.

ومعناهَا: يا أيُّها النبيُّ اتَّقِ اللهَ في نقضِ العهد الذي بينَكَ وبين أهلِ مكَّة لا تَنْقِضْهُ قبلَ أجَلِهِ { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } فيما دعَوكَ إليه، ولا تَمِلْ إليهم، ولا تَرْفِقْ بهم ظَنّاً منكَ أن ذلك أقربُ إلى استِمَالَتِهم إلى الإيْمانِ، فإن ذلك يؤدِّي إلى أن يُظَنَّ بك مقارنة القومِ على كُفرِهم، فمعنى قولهِ { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } يعني أبَا سُفيان وأبا الأعور وعِكرمةَ، والمنافقين عبداللهِ بنِ أُبَي وجَدِّ بنِ قَيْسٍ وغيرِهما.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }؛ أي عَلِيماً بأحوَالِهم، حَكِيماً فيما أوجبه عليك في أمرِهم وفيما يخلقهُ.