الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، معطوفُ على { إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ } ، والمرادُ بالملائكة جبريل عليه السلام على ما تقدَّم. ومعنى { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ } أي اختارَكِ لطاعتهِ وعبادته، { وَطَهَّرَكِ } من الكُفْرِ بالإيْمان والطاعاتِ، كما قالَ:لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً } [الأحزاب: 33] أرادَ طهارةَ الإيْمَانِ والطاعَات، وقيل: معناهُ: وطهَّرَكِ من الأدنَاسِ كلِّها؛ مِن الحيضِ والنِّفاسِ وغير ذلكَ.

وقََوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي اختارَكِ على أهلِ زمانِك بولادة عيسَى من غيرِ أبٍ. وقيل: معنَى الآيةِ: وَطَهَّرَكِ مِنْ مَسِيْسِ الرَّجُلِ.

فإن قِيْلَ: كيف يجوزُ ظُهُورُ الملائكةِ لِمَرْيَمَ وذلك معجزةٌ لا يجوزُ ظهورُها على غير نَبيٍّ، ومريَم لم تكن نبيّاً؟ قيلَ: لأنَّها وإن لَم تكن نبياً؛ فإنَّ ذلكَ كان في وقتِ زكريَّا عليه السلام، ويجوزُ ظهور المعجزاتِ في زمنِ الأنبياء عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ لغيرِهم، ويكونُ ذلك معجزةً له. وقيل: كان ذلك إلْهَاماً لنبوَّة عيسى، كما كانتِ الشُّهب وتظليلُ الغمَامِ وكلامُ الذِّئب إلْهَاماً لنبوَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم.