الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً }؛ أي قالَ زكريَّا يا رَب اجعل لِي علامةً إذا حملَتِ امرأتِي عرفتُ ذلك منها، أرادَ بهذا القولِ تعجيلَ السُّرور قبلَ ظُهور الولدِ بالولادة. قال: علامةُ ذلكَ أن لا تُطِيْقَ الكلامَ مع أحدٍ من الناس منذُ ثلاثةِ أيَّام من غير خَرَسٍ { إِلاَّ رَمْزاً } أي الاَّ إشارَةً بالعينين والحاجِبين واليدَين، وقيل: الرَّمْزُ: تَحْرِيْكُ الشَّفتين باللفظ من غير إبانةِ صَوْتٍ، فذلك علامةُ حَبَلِ امرأتِكَ.

قَوْلُهُ تعَالَى: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ }؛ أيِ اذكُر ربَّكَ كثيراً في هذهِ الأيَّام الثلاثة؛ { وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } أي صَلِّ غُدُوّاً وعَشِيّاً كما كنتَ تصلِّي من قَبْلُ، يقالُ: فرِغتُ من سُبْحَتِي؛ أي من صلاتِي، وسُمِّيت الصلواتُ سُبَحاً لِمَا فيها من التوحيدِ والتَّحميد والتَّنْزِيْهِ من كلِّ سوءٍ. وقيل: أرادَ بالتسبيحِ التسبيحَ المعروفَ فيما بين الناس، وقرأ الأخفشُ (رَمَزاً) بفتحِ الميم مصدراً مثل طَلَباً.